في وصية لقمان لابنه، قوله تعالى: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) ... وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) [لقمان: 17].
لماذا وردت عبارة وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يقف في وجهه المتسلطون والمتنفذون وهم أصحاب القوة فيؤذوه ويحاربوه.
قال تعالى: وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17].
وقال: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) [الشورى: 43].
فالآية الأولى ليس فيها (لام) من كلمة (من) لأنه لا يوجد غريم لهذا الصابر فالأمر قضاء وقدر.
بينما الآية الثانية فيها (لام) بقوله (لمن عزم) لوجود الغريم لهذا المصاب فأضيفت اللام لكلمة (من) ويدل على كلمة (وغفر) أي غفر للغريم الذي اعتدى عليه.
قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الانعام: 151]. فالإملاق أو الفقر والعوز موجود هنا حقيقة، ولذلك قال: نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ فكما رزقناكم نرزقهم.
وقال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء: 31]. فقد حرم الله وأد البنات خشية الفقر المتوقع وليس الموجود،