الجرأة أن تغشونا في ديارنا فذهب غاضبا فقال له مصعب: إن شئت فاجلس حتى نحدثك، فإن أعجبك حديثنا فهذا ما نريد، وإن لم يعجبك تركناكم وانصرفنا. فجلس فحدثه مصعب عن الإسلام وقرأ عليه القرآن الكريم فأسلم وعاد إلى سعد ضاحكا. فقال له سعد لمن حوله: أقسم لكم إن أسيدا عاد بغير الوجه الذي ذهب به، ثم قال له: ما شأنك؟، فقال:
وجدت أناسا يتهجمون على ابن خالتك أسعد بن زرارة فأردت ألا أزيد عليهم فرجعت. فقام سعد مغضبا وذهب إلى مصعب ففعل معه كما فعل مع أسيد ثم عاد إلى قومه يقول لهم: كلام رجالكم ونسائكم حرام عليّ حتى تؤمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، فآمنوا عن بكرة أبيهم.
هذا هو تأثير القرآن الكريم في نفوس الناس لأنه كلام رب العالمين.
فسبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئا يقرأ:* أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ [الحديد: 16].
فرجع القهقرى وهو يقول: بلى والله قد آن. فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة وبعضهم يقول لبعض إن فضيلا يقطع الطريق. فقال الفضيل:
أوّاه أراني بالليل أسعى في معاصي الله وقوم من المسلمين يخافونني- اللهم إني قد ثبت إليك وجعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام.
تناولت أحكام القرآن جوانب الحياة جميعا في كل زمان ومكان وشملت كل الألوان والأجناس.