سأترك الكلام في ذلك لصاحب التبيان في علوم القرآن الكريم حيث يقول «تلقى النبي صلى الله عليه وسلّم القرآن بواسطة أمين الوحي (جبريل) عليه السلام، وجبريل تلقاه عن رب العزة جل جلاله، وليس لجبريل الأمين سوى تبليغ كلام الله وإيحائه للرسول صلى الله عليه وسلّم فالله جلت حكمته قد أنزل كتابه المقدس على خاتم أنبيائه بواسطة أمين الوحي جبريل، وعلمه جبريل للرسول، وبلغه الرسول لأمته، وقد وصف الله جبريل عليه السلام بأنه أمين على الوحي يبلغه كما سمعه عن الله تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير: 19 - 21].
وقال تعالى في وصفه أيضا: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشعراء: 193 - 194].
أما حقيقة الكلام، وحقيقة المنزل فإنما هو كلام الله، وتنزيل رب العالمين، كما قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ [النمل: 6].
وقد كان صلوات الله عليه يعاني عند نزول القرآن شدة، وكان يحاول أن يجهد نفسه من أجل حفظ القرآن، فيكرر القراءة مع جبريل حين يتلو عليه القرآن، خشية أن ينساه أو يضيع عليه شيء منه، فأمر الله تعالى بالإنصات والسكوت عند قراءة جبريل عليه، وطمأنه بأنه تعالى سيجعل هذا القرآن محفوظا في صدره، فلا يتعجل في أمره، ولا يجهد نفسه في تلقيه.