فالرسول صلّى الله عليه وسلّم يشبه ما جاء به من الوحي والعلم بالمطر، وعلى ضوء هذا التفسير النبوي يمكن دراسة المثل في الآية الكريمة.
د- هذا المثل في الآية مؤلف من أربعة عناصر هي:
1 - قد جاءنا من الله علم وهدى مثله كمثل الغيث المبارك.
2 - الذين جاءهم العلم كالأرض التي نزل عليها الغيث.
3 - هذا الهدى يجري في أعماق قلوبهم كما يجري الغيث في أعماق الأرض وقلوب الناس تقبل من الهدى حسب طبيعتها بالضيق والسعة كما يقبل كل واد من الغيث حسب ضيقه وسعته.
4 - لب العبرة في المثل: فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً [الرعد: 17] والزبد رغوة ذات فقاقيع تطفو على سطح الماء ثم لا تلبث أن تزول تاركة تحتها الماء النافع، فالباطل في تفاهته وسرعة زواله كالزبد والحق في أصالته وبقائه كالماء النافع الذي جعل منه الله تعالى كل شيء حي.
هـ- التوسع في توضيح هذا المثل:
الإنسان مؤلف من جسم وروح فليس من المعقول والحكمة أن ينزل الله للأجسام ما تحتاجه وتتغذى به ويهمل الروح التي هي أهم شيء في هذا الكائن الحي وبذلك تتبدد شبهات الملاحدة الذين ينكرون النبوات ورسالة السماء.
وهذا الذي أنزله الله للقلوب والأرواح مقابل الماء الذي أنزله الله للأجسام والأبدان وهو الوحي: روح القلوب وسر حياتها فإذا سرى الوحي في الأرواح عاشت كما يعيش الجسم إذا سرى فيه الماء، قال تعالى:
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا [الشورى: 52].