- الثاني: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ [الرعد:
17] ابتغاء حلية كالذهب والفضة والنحاس وغيرها من معادن الأرض فيعلوها الخبث والزبد. وإنما يوقدون عليه ليزول منه ما علق من تراب الأرض وغيره.
والمثلان ضربهما الله للحق والباطل، فالباطل: وإن علا في كسبهن الأحباب يضمحل كالزبد. والحق: كالمعدن الذي يخلص نقيا بعد اختباره بالنار. واكتفي بهذا القدر الموجز عن المثل الثاني لأوضح المثل الأول.
توضح المثل الأول:
أ- هذه الصورة حسية تجري تحت سمع الناس وبصرهم ماء ينزل من السماء فتسيل منه الأودية ويعلوه الزبد. ويطفو على سطحه ويغيب في الأرض قسم منه.
ب- فما المراد بهذه الصورة؟
ليس المقصود بهذه الصورة ظاهرها لأن الله تعالى يقول بالآية: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ ويقول: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ.
وأولى من نأخذ عنه تفسير القرآن الكريم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله: ونفعه ما بعثني الله به ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» متفق عليه.