وفحولها المبرزين. كان إذا نسب أنساك كُثيِّرًا1، وإذا مدح أزرى بزُهير2، واذا فخر أناف3 على امرئ القيس4؛ فمن جملة مقاطعه التي تشهد له بجودة الطبع وإتقان الصنعة قوله: من البسيط
بيني وبينك ما لو شئتَ لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرار لم يَذِعِ
يا بائعًا حظه مني ولو بُذِلتْ ... ليَ الحياة بحظي منه لم أبعِ
يكفيك أنك إن حمَّلت قلبي ما ... لا تستطيع قلوب الناس, يستطعِ
تِهْ أَحتملْ، واستطلْ أَصبرْ، وعِزَّ أهنْ ... وولِّ أُقبلْ، وقلْ أَسمعْ، ومرْ أُطعْ!
وهو القائل -رحمه الله- يخاطب بني جهور، وكان قد وزر لهم قبل وزارته للمعتمد؛ لأن أصله من مدينة قرطبة، فنالته منهم محنة، فخرج عن قرطبة إلى إشبيلية وافدًا على المعتمد، فعلت رتبته عنده؛ فكان يبلغه عن بني جهور ما يسوءه في نفسه وقرابته بقرطبة، فقال يخاطبهم: من الطويل
بني جهور أحرقتمو بجفائكم ... فؤادي، فما بال المدائح تعبقُ
تعدونني كالعنبر الورد، إنما ... تفوح لكم أنفاسُه حين يُحرقُ
ومن نسيبه الذي يختلط بالروح رقة, ويمتزج بأجزاء الهواء لطافة، قصيدته التي قالها يتشوق ابنة المهدي: ولادة5، وهي بقرطبة وهو بإشبيلية: من البسيط
أضحى التنائي بديلًا من تدانينا ... وناب عن طِيب لقيانا تجافينَا6
بِنْتُم وبِنَّا, فما ابتلت جوانحنا ... شوقًا إليكم, ولا جفت مآقينِا7