وهذا -أصلحك الله- منتهى ما بلغ من أخبار المغرب وسير ملوكه ووزرائهم وكتابهم وما تعلق بذلك حسب الاستطاعة؛ وقد تقدم بسط العذر عما يقع من التقصير أو الخلل، مع أن أصغر خدم مولانا1 لم تجر عادته بالتصنيف ولا حدث قط نفسه به؛ وإنما بعثته عليه الهمة الفخرية -أعلى الله رتبها- فما كان من إحسان فإلى تلك الهمة العلية نسبته وعنها منبعثه، وما كان من غير ذلك فإغضاؤها يستره ومسامحتها تغمره.
وقد رسم مولانا -حرس الله مجده- أن يضاف إلى هذا التصنيف ذكر أقاليم المغرب وتعيين مدنه وتحديد ما بينها من المراحل عددًا؛ من لدن برقة إلى سوس الأقصى؛ وذكر جزيرة الأندلس وما يملكه المسلمون من مدنها على ما تقدم؛ فلم ير المملوك بدًّا من الجري على العادة في سرعة الإجابة وامتثال مرسوم الخدمة؛ لوجوب ذلك عليه شرعًا وعرفًا2؛ هذا مع أن هذا الباب خارج عن مقصود هذا التصنيف، وداخل في باب المسالك والممالك. وقد وضع الناس فيه كتبًا كثيرة؛ ككتاب أبي عبيد البكري الأندلسي3، وكتاب ابن فياض الأندلسي أيضًا، وكتاب ابن خرداذبة الفارسي4، وكتاب الفرغاني5؛ وغيرها من الكتب المفردة لهذا الشأن المستوعبة له. ونحن إن شاء الله ذاكرون من ذلك -موافقة لرأي مولانا العالي- ما يقف به على حدود البلاد ويصور له صورتها على التقريب من غير تطويل، جارين في ذلك على ما