بلاد المصامدة عرضًا؛ وحدها طولًا من الجبل المعروف بـ دَرَن، إلى البحر الأعظم المسمى أقيانس؛ وقبائلها الذين ينطلق عليهم هذا الاسم: هَسْكورة، وصَنْهَاجة, ودُكَّالة، وحَاحَة، ورَجْرَاجة، وجَزُولة، ولَمْطَة، وجِنْفِيسة، وهَنْتَاتة وهَرْغَة، وقبائل أهل تينمل؛ وحول مراكش قبائل منهم أيضًا، وهم: هِزْمير، وهَيْلانة، وهَزْرَجة؛ يدعونهم الموحدون بالقبائل؛ فهؤلاء الذين يجمعهم اسم المصامدة؛ ثم يجمع الكل جنس البربر, من طرابلس المغرب إلى أقصى سوس وما وراء ذلك ممن ذكرنا, من لمتونة ومسُوفة وسرطة؛ وآخر بلادهم أول حد بلاد السودان.
وللمصامدة بعد هذا جند من سائر أصناف الناس، كالعرب، والغُزّ، والأندلس، والروم، وقبائل من المرابطين، وغيرهم.
ثم من ذكرنا من الموحدين صنفان: فالصنف الأول يدعون الجموع، وهم المرتزقة الذين يكونون بمراكش لا يبرحونها. والصنف الآخر يدعون العموم، وهم الكائنون ببلادهم لا يحضرون إلى مراكش إلا في النفير الأعظم؛ وعدد المرتزقة الذين بمراكش من قبائل الموحدين وسائر من ذكرنا من الأجناد -على ما صح عندي تلخيصه- عشرة آلاف نفس؛ هؤلاء الذين بمراكش خارجًا عما في سائر البلاد من الموحدين وأصناف الجند.
وإذا كان العرض العام, فأول من يعترض ذرية أبي حفص عمر الصنهاجي على طبقاتهم في أسنانهم، ثم بعدهم فرس الخليفة من بني عبد المؤمن، ثم أهل الجماعة على ترتيب طبقاتهم، ثم أهل خمسين، ثم القبائل؛ وأولهم عرضًا هَرْغة قبيلة ابن تومرت، ثم بعدهم أهل تينمل، ثم كومية، ثم الموحدون بعد هذا على طبقاتهم في سرعة الهجرة وبطئها.
وقد جرت عادتهم بالكَتْب إلى البلاد واستجلاب العلماء إلى حضرتهم من أهل كل فن، وخاصة أهل علم النظر، وسموهم طلبة الحضر، فهم يكثرون في بعض الأوقات ويقلون، وصنف آخر ممن عني بالعلم من المصامدة يسمون طلبة الموحدين؛ ولا بد في كل مجلس عام أو خاص يجلسه الخليفة، من حضور هؤلاء الطلبة الأشياخ منهم، فأول ما يفتتح به الخليفة مجلسه مسألة من العلم يلقيها بنفسه أو تلقى بإذنه؛ كان عبد المؤمن ويوسف ويعقوب يلقون المسائل بأنفسهم ولا ينفصلون من مجلس من مجالسهم إلا على الدعاء: يدعو الخليفة ويؤمن الوزير جهرًا يسمع من بعُدَ من الناس. ثم إذا سافروا لا يزال القرآن يُقرأ بين أيديهم بالغدو والعشي ركبانًا؛ وإذا نزلوا فأول شيء يصنعونه في أول النهار بعد صلاتهم الفجر، أن يخرج من ينادي: الاستعانة بالله والتوكل عليه, هذه عندهم للركوب؛ فحينئذ يركب الناس،