عليهم قاصدين لذلك. وثبت أبو عبد الله هذا في ذلك اليوم ثباتًا لم ير لملك قبله، ولولا ثباته هذا لاستؤصلت تلك الجموع كلها قتلاً وأسرًا!.

ثم رجع من هذا الوجه إلى إشبيلية، وأقام بها إلى شهر رمضان من هذه السنة، ثم عبر البحر قاصدًا مدينة مراكش..

وكانت هذه الهزيمة الكبرى على المسلمين، يوم الاثنين منتصف صفر, الكائن في سنة 609.

وفصل الأدفنش -لعنه الله- عن هذا الموضع بعد أن امتلأت يداه وأيدي أصحابه أموالاً وأمتعة من متاع المسلمين؛ فقصد مدينتي بياسة وأبذة؛ فأما بياسة فوجدها أو أكثرها خالية، فحرق أدورها وخرب مسجدها الأعظم؛ ونزل على أبذة وقد اجتمع فيها من المسلمين عدد كثير من المنهزمة وأهل بياسة وأهل البلد نفسه؛ فأقام عليها ثلاثة عشر يومًا، ثم دخلها عنوة فقتل وسبى وغنم؛ وفصل هو وأصحابه من السبي من النساء والصبيان بما ملئوا به بلاد الروم قاطبة؛ فكانت هذه أشد على المسلمين من الهزيمة!.

وفاة الناصر محمد

ولم يزل أمير المؤمنين أبو عبد الله مقيمًا بمراكش بقية سنة 9 وأشهرًا من سنة 10 إلى أن توفي في شهر شعبان كما قدمنا؛ واختلف علينا في سبب وفاته1؛ فأصح ما بلغني أنه أصابته سكتة من ورم في دماغه؛ وذلك يوم الجمعة لخمس خلون من شعبان؛ فأقام ساكتًا لا يتكلم يوم السبت والأحد والاثنين والثلاثاء؛ وأشار عليه الأطباء بالفَصْد فأبى ذلك؛ وتوفي يوم الأربعاء لعشر خلون من شهر شعبان من سنة 610، ودفن يوم الخميس؛ صلى عليه خاصة الحشم!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015