علي بن حَزْمُون الشاعر*
ولما رجع من غزوته العطمى -المتقدم ذكرها- في سنة 591، جلس للوفود في قبة من تلك القباب مشرفة على النهر الأعظم، وأذن فدخلوا عليه على طبقاتهم ومراتبهم؛ وأنشده الشعراء؛ فممن أنشده في ذلك اليوم صديق لي من أهل مرسية اسمه علي بن حزمون، أنشده قصيدة في عَرُوض يسمى الخَبَب كان يقترحه على الشعراء، فوقعت القصيدة من أمير المؤمنين ومن الحاضرين موقع استحسان، أولها: من الخبب أو المحدث
حيتك معطرة النفس ... نفحات الفتح بأندلسِ
فذَرِ الكفار ومأتمهمْ ... إن الإسلام لفي عُرُسِ1
أإمام الحق وناصره ... طهَّرْتَ الأرض من الدنسِ2
وملأتَ قلوب الناس هُدًى ... فدنا التوفيق لملتمِسِ3
ورفعت منار الدين على ... عَمَدٍ شُمٍّ وعلى أسسِ4
وصدعتَ رداء الكفر كما ... صدع الدَّيْجور سَنَا قَبَسِ5
لا قيت جموعهمو فغدوا ... فرصًا في قبضة مفترسِ6
جاءوك تضيق الأرض بهم ... عددًا لم يُحصَ ولم يُقَسِ
خرجوا بَطَرًا ورئاء النا ... س ليختلسوا مع مختلِسِ7
ومضيتَ لأمر الله على ... ثقة بالله ولم تَخِسِ8
فأناخ الموتُ كلاكلَهُ ... بظُبَاك على بَشَر رَجِسِ9