حول طليطلة من الحصون؛ ثم رجع إلى مدينة إشبيلية منصورًا مفتوحًا عليه1.
وكانت هذه الهزيمة أختًا لهزيمة الزلاقة، المتقدم ذكرها في مدة يوسف بن تاشفين أمير المرابطين.
وأقام أمير المؤمنين بإشبيلية بقية سنة 591، وقصد بلاد الروم في السنة الثانية، فنزل على مدينة طليطلة بعساكره؛ فقطع أشجارها، وانتزف2 معايشها، وغوَّر مياهها، وأنكى في الروم أشد نكاية.
ثم عاد في السنة الثالثة أيضًا، وتوغل بلاد الروم، ووصل إلى مواضع لم يصل إليها ملك من ملوك المسلمين قط؛ ورجع إلى مدينة إشبيلية، فأرسل الأدفنش إليه -لعنه الله- يسأله المهادنة، فهادنه إلى عشر سنين، فعبر البحر بعد أن أصلح الجزيرة ورتب فيها من يقوم بحمايتها، وقصد مدينة مراكش، وذلك في سنة 594.
عزم أبي يوسف على قصد مصر، ووفاته
فبلغني عن غير واحد أنه صرح للموحدين بالرحلة إلى المشرق، وجعل يذكر البلاد المصرية وما فيها من المناكر والبدع3، ويقول: نحن -إن شاء الله- مطهروها؛ ولم يزل هذا عزمه إلى أن مات -رحمه الله- في صدر سنة 595 -كما ذكر- ودفن بـ تينمل مع آبائه4.
شيء من سيرته
وكان في جميع أيامه وسيره مؤثرًا للعدل، متحريًا له بحسب طاقته وما يقتضيه إقليمه والأمة التي هو فيها؛ كان في أول أمره أراد الجري على سنن الخلفاء الأول ...