دخوله إياها -كما ذكرنا- يوم الاثنين لست خلون من شعبان من السنة المذكورة.

استطراد عن انتقاض العرب بإفريقية على الموحدين

وكان فيها إذ دخلها، أبو موسى عيسى بن عبد المؤمن؛ لم يكن واليًا عليها وإنما كان الوالي عليها أبو الربيع سليمان بن عبد الله بن عبد المؤمن، وكان أبو موسى مارًّا بها حين رجع من إفريقية، وكان واليًا عليها هو وأخوه الحسن من قبل أخيهما أبي يعقوب، فظهر من العرب إفساد ببعض نواحي إفريقية، فخرج أبو موسى هذا وأخوه أبو علي بجيش من المصامدة ومن انضاف إليهم من العرب وسائر الجند، فالتقوا هم وأولئك العرب المفسدون؛ فانهزم جند إفريقية عنهما وأخذتهما العرب أسيرين، فأقاما عندهم، وانتهى الخبر إلى أبي يعقوب، فأرسل إلى أولئك العرب؛ فطلبوا مالاً اشتطُّوا1 فيه غاية الاشتطاط. ثم إن الأمر تقرر بينهم وبين الموحدين على ستة وثلاثين ألف مثقال، فلما أخبر بذلك أبو يعقوب استكثر المال وقال: هذه أيضًا مضرة أخرى؛ إن أعطيناهم مثل هذا المال تقووا به على ما يريدونه من الفساد! ثم اتفق رأيهم على أن يضربوا لهم دنانير من الصُّفر مموهة2، ففعلوا ذلك وأرسلوا بها إليهم؛ فأطلقوا أبا علي وأبا موسى ومن كان معهما من خَدَمهما وحاشيتهما؛ فهذا ما أوجب كون أبي موسى ببجاية، فخرج من أسر العرب إلى أسر الميورقيين!.

رجع الحديث عن بني غانية في بجاية

فدخل علي بن إسحاق -كما ذكرنا- بجاية في اليوم المؤرخ، وأقام بها سبعة أيام صلى فيها الجمعة فخطب ودعا لبني العباس، ثم للإمام أبي العباس أحمد الناصر منهم، وكان خطيبه الفقيه الإمام المحدث المتقن أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزي الإشبيلي3 - مؤلف كتاب الأحكام وغيره من التآليف- فأحنق ذلك عليه أبا يوسف يعقوب أمير المؤمنين، ورام سفك دمه، فعصمه الله منه، وتوفاه حتف أنفه وفوق فراشه!.

وخرج علي بن إسحاق من بجاية بعد أن أسس أموره فيها، وسار حتى نزل على قلعة بني حماد، فملكها وملك جميع تلك النواحي؛ فانتهى ذلك إلى أمير المؤمنين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015