وكتاب الجيش: رجل يعرف بـ الكباشي، ذهب عني اسمه؛ وقد كان يكتب قبله أبو الحسن بن مُغْنٍ. استمرت كتابة الكباشي هذا في ديوان الجيش إلى أن مات أمير المؤمنين أبو يوسف.

ولم يكتب لهم منذ قام أمرهم -أعني من كتبة الإنشاء- من عرف طريقتهم وصب في قالبهم وجرى على مهيعهم وأصاب ما في أنفسهم كأبي عبد الله بن عياش هذا؛ فإن القوم لهم طريقة تخالف طريقة الكتاب. ثم جرى الكتاب بعده على أسلوبه، وسلكوا مسلكه لما رأوا من استحسانهم لتلك الطريقة.

قضاته

أبو جعفر أحمد بن مضاء المتقدم الذكر إلى أن مات. وولي بعده أبو عبد الله محمد بن مروان، من أهل مدينة وهران؛ ثم عزله وولى بعده أبا القاسم أحمد بن محمد، رجلا من ولد بَقِيِّ بن مخلد الفقيه المحدث الذي يروي عن أحمد بن حنبل1. وقد تقدم ذكر بقي هذا وطرف من أخباره في صدر الدولة الأموية في أخبار الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الداخل بالأندلس. لم يزل أبو القاسم هذا قاضيًا إلى أن توفي أمير المؤمنين أبو يوسف، وشيئًا من أيام ابنه محمد.

تلخيص التعريف بخبر بيعته

ولما مات أبو يعقوب -كما ذكرنا- على مراحل من مدينة شنترين، سترت وفاته إلى أن بلغوا إشبيلية، وهم في كل يوم يصبحون يمشون بين يدي الدابة التي عليها المحفة مشاة على أرجلهم كما جرت العادة؛ ثم يركبون والمحفة مسدول عليها ستر أخضر؛ إلى أن بلغوا إشبيلية كما ذكرنا؛ فخرج الإذن من أمير المؤمنين أبي يعقوب -زعموا- بتجديد البيعة لابنه أبي يوسف، فبايعه المصامدة والناس عامة من جميع الأصناف.

وكان الذي سعى في بيعته وقام بها ورغب فيها وتولى كِبْرَ أمرها، ابن عمه أبو زيد عبد الرحمن بن عمر بن عبد المؤمن؛ فتم له الأمر وبايعه الناس، يحسبون ذلك بإذن أبيه. فلما فرغ مما أراده من ذلك وتهيأ له، أعلن وفاة أبيه عند خواص الدولة؛ ولم تجر عادتهم بإعلان موت خلفائهم عند العامة إلى هَلُمّ.

وكان له من إخوته وعمومته منافسون لا يرونه أهلاً للإمارة؛ لما كانوا يعرفون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015