إياي لا يمنعاني من النصح لأهل ديني والدلالة لهم على ما فيه مصلحتهم! فشاور ابن الريق -لعنه الله- قسيسيه في أمره؛ فأشاروا عليه بإحراقه، فأحرقوه.
وفاة الأمير أبي يعقوب
وأما ما كان من أمر أمير المؤمنين أبي يعقوب؛ فإنهم لما عبروا به النهر كما ذكرنا، أثقله الجُرْح واشتد عليه؛ فما ساروا به إلا ليلتين أو ثلاثًا حتى مات -رحمه الله-؛ فأخبرني من كان معهم في تلك السفرة أنه سمع النداء فيما بين العشاءين في العسكر كله: الصلاةُ على الجنازة، جنازة رجل. فصلى الناس قاطبة على الجنازة لا يعرفون على من صلوا؛ ولم يعلم بذلك إلا خواص أهل الدولة، وساروا به حتى بلغوا إشبيلية فنزلوها، فصَبَّروه1 وبعثوا به في تابوت مع كافور الحاجب مولاه المتقدم الذكر إلى تينملّ؛ فدُفن هناك مع أبيه عبد المؤمن, وابن تومرت.
وكانت وفاته يوم السبت قبيل غروب الشمس, لسبعٍ خلون من رجب الفرد سنة 580.
أخبرني ابنه أبو زكريا يحيى -رحمة الله عليه- أنه كان قبل موته بأشهر يسيرة كثيرًا ما يردد هذا البيت: من البسيط
طوى الجديدان ما قد كنتُ أنشره ... وأنكرتني ذواتُ الأعين النُّجُلِ! 2