عبد المؤمن -رحمه الله- إلى مراكش؛ فقتلهم صبرًا، وقتل معهم جماعة من أعيان هرغة، بلغه أنهم قادحون1 في ملكه, متربصون به.
ولما أصبح أبو إبراهيم إسماعيل المتقدم الذكر في الخباء مقتولا على الحال التي ذكرنا، أعظم ذلك عبد المؤمن ووجد2 عليه وجدًا مفرطًا أخرجه عن حد التماسك إلى حيز الجزع، فأمر بغسله وتكفينه، وصلى عليه بنفسه، ودُفن.
ولم يترك إسماعيل هذا من الولد سوى ولد واحد ذكر، اسمه يحيى. نال يحيى هذا في أيام أبي يوسف يعقوب جاهاً متسعاً ورتبة عالية، وكذلك في أيام أبي عبد الله محمد؛ كانت أكثر أمورهم ترجع إليه؛ لم يزل كذلك إلى أن مات في شهور سنة 602 وترك بنتًا واحدة، تزوجها أمير المؤمنين أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، اسمها فاطمة، لا عقب له منها؛ طال عمرها، تركتها بالحياة حين فصلتُ عن مراكش في شهور سنة 611.
ولإسماعيل هذا مع ابن تومرت خبر يقرب مما قدمنا في النصح والتحذير، تلطف فيه إسماعيل غاية التلطف؛ وذلك أن ابن تومرت حين خرج من مراكش على الحال التي تقدمت من إخراج أمير المسلمين إياه عنها، سار حتى نزل الضيعة التي فيها أبو إبراهيم؛ فدخل المسجد، فاجتمع أهل الضيعة على باب المسجد ينظرون إلى ابن تومرت ويقول بعضهم لبعض همسًا: هذا الذي نفاه أمير المسلمين عن بلاده لإفساده عقول الناس؛ ونحو هذا القول؛ وهموا بقتله تقربًا بذلك إلى أمير المسلمين. فلما رأى ذلك أبو إبراهيم من أمرهم، تقدم إلى ابن تومرت فسأله عن إعراب هذه الآية: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20] . ففهم ابن تومرت ما أراد، وخرج عن تلك الضيعة، وعرف لأبي إبراهيم نصحه؛ ثم لحق به أبو إبراهيم هذا بعد ما اشتهر أمره بـ تينمل؛ فهو معدود في أهل الجماعة.
ولما قتل عبد المؤمن أولئك القوم الذين قدمنا ذكرهم صبرًا، هابه المصامدة وسائر أهل دولته، وعظم أمره في صدورهم.
وأقام عبد المؤمن بمراكش بقية سنة 55 وسنة 6 وسنة 7 وفي أول سنة 58 خرج أمره إلى الناس كافة بالغزو إلى بلاد الروم من جزيرة الأندلس. وكُتبت عنه