ولا يتوجه اللحاق لوجيهها ولا حقها؛ فعلمت أنها الإهابة والمهابة1، والإصابة والاسترابة2، حتى أيأستني الخواطر، وأخلفتني المواطر؛ إلا زِبْرجًا3 يُعقب جوادًا، وبَهْرَجًا4 لا يحتمل انتقادًا؛ وأنَّى لمثلي والقريحة مرجاة، والبضاعة مزجاة5 -ببراعة الخطاب، وبزاعة6 الكتَّاب. ولولا دروس7 معالم البيان، واستيلاء العفاء8 على هذا الشأن، لما فاز لمثلي فيه قِدْح، ولا تحصل لي في سوقه ربح؛ لكنه جو خالٍ، ومضمار جهال؛ وهي حكمة الله في الخلق، وقسمته للرزق. وأنا -أعزك الله- أربأ بقدر الذخيرة، عن هذه النُّتَف الأخيرة، وأرى أنها قد بلغت مداها، واستوفت حلاها؛ وأنا أخشى القَدْح في اختيارك، والإخلال بمختارك. وعلى ذلك فوالله ما من عادتي أني أثبت ما أكتب في رسم يُنقل، ولا في وضع المراتب عندنا مخاطب يُتحفز له ويُحتفل؛ وإنما هو عفو فكر، ويسير ذكر.
وعذرًا -أعزك الله- فإني خططت ما خططته والنوم مغازل، والقُرُّ9 منازل، والريح تلعب بالسراج، وتصول عليه صولة الحجَّاج10، فطورًا تسدده سِنانًا، وتارة تحركه لسانًا؛ وآونة تطويه حُبابة، وأخرى تنشره ذؤابة. وتُقيمه إبرة لهب، وتعطفه بُرَة ذهب11، أو حُمَة12 عقرب. وتُقوِّسه حاجبَ فتاة، ذات غمزات، وتسلطه على سليطه، وتزيله عن خليطه؛ وتخلعه نجمًا، وتمده رجمًا، وتسل روحه من ذباله،