للْأَصْل سوى مَا ذكره ليمنع من أَن يُقَاس ذَلِك الْفَرْع على ذَلِك الأَصْل لم يكن للقائس وَالْحَال هَذِه أَن ينْقض عكس علته مِثَال ذَلِك أَن يقيس قائس الْكَلْب على الهر فِي الطَّهَارَة فَيَقُول خَصمه الْمَعْنى فِي الأَصْل وَهُوَ الهر أَنَّهَا من الطوافين علينا والطوافات فَلهَذَا كَانَت طَاهِرَة وَهَذِه الْعلَّة لَيست فِي الْكَلْب فَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَاس على الهر فَمَتَى قَالَ ذَلِك لم يكن للقائس أَن ينْقض علته إِلَّا تَعْلِيله الهر أَنَّهَا من الطوافين علينا فَقَط فَأَما إِن قَالَ الهر من الطوافين علينا فَكَانَت طَاهِرَة وَالْكَلب لَيْسَ من الطوافين علينا فَلهَذَا كَانَ نجسا جَازَ أَن ينْقض علته فِي الْكَلْب وَإِذا نقضهَا بَطل تَعْلِيله الهر بانها من الطوافين لِأَنَّهُ لما علل الأَصْل وَعكس علته فِي الْفَرْع أعلمنَا بذلك أَنه لَيْسَ يفرق بَينهمَا فِي النَّجَاسَة وَالطَّهَارَة إِلَّا من هَذِه الْجِهَة وَأَن طَهَارَة الْحَيَوَان مَوْقُوفَة على أَن يكون من الطوافين علينا فَقَط وَأَن مَا وجد هَذَا فِيهِ يكون طَاهِرا فَقَط فاذا رَأَيْنَاهُ شَيْئا طَاهِرا وَإِن لم يكن من الطوافين فقد بَطل قَوْله إِن طَهَارَة الْحَيَوَان مَوْقُوفَة على هَذَا الْمَعْنى إِلَّا أَن هَذَا لَيْسَ ينْقض لعِلَّة الأَصْل وَإِنَّمَا هُوَ إبِْطَال لقَوْله إِنَّه لَا عِلّة لطهارة الْحَيَوَان إِلَّا مَا ذَكرُوهُ فان ادعِي الْمُعَلل أَو أجمع الْمُسلمُونَ على أَن الْعلَّة فِي طَهَارَة السنور هِيَ المفرقة بَين مَا طهر من الْحَيَوَان وَبَين مَا لَا يطهر وَأَن طَهَارَة الْحَيَوَان مَوْقُوفَة عَلَيْهَا ثمَّ علمنَا أَن طَهَارَة الْحَيَوَان غير مَوْقُوفَة على مَا ذكره الْمُعَلل علمنَا أَن مَا ذكره الْمُعَلل لَيْسَ بعلة وَالْوَجْه الثَّالِث من الْكَلَام على الْعلَّة الَّتِي وَقعت الْمُعَارضَة بهَا هُوَ التَّرْجِيح وَنحن نفرد لذَلِك بَاب ولترجيح الْقيَاس على الْقيَاس فصلا
اعْلَم أَنه إِذا وَقعت الْمُعَارضَة فِي عِلّة الأَصْل واستوى العلتان فَلَا بُد من تَرْجِيح أَحدهمَا على الْأُخْرَى وَذَلِكَ يكون بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا يرجع إِلَى قُوَّة طَرِيق صِحَة الْعلَّة وَالثَّانِي إِلَى تعدِي الْعلَّة أما قُوَّة طَرِيق صِحَة الْعلَّة فبأن تكون إِحْدَى العلتين مجمع عَلَيْهَا دون الْأُخْرَى أَو تكون إِحْدَاهمَا مَنْصُوصا