ذَلِك الْعَكْس هُوَ عدم الحكم فِي كل الْمسَائِل مَعَ عدم الْعلَّة وَهَذَا لَيْسَ بِشَرْط فِي صِحَة الْعلَّة لِأَن الْعلَّة الشَّرْعِيَّة دلَالَة وأمارة على الحكم وَلَيْسَ يمْتَنع أَن يُوجد الْمَدْلُول عَلَيْهِ فِي بعض الْمَوَاضِع مَعَ فقد بعض أدلته إِذا دلّ عَلَيْهِ دَلِيل آخر وَهَذَا الْعَكْس مفارق لعدم التَّأْثِير لِأَن عدم التَّأْثِير هُوَ أَن يكون الْعلَّة ذَات وصفين أَو أَكثر فيوجد الحكم فِي الأَصْل بِوُجُود وصف من الْأَوْصَاف وَإِن عدم الْوَصْف الآخر وبعدم الحكم إِذا عدم الْوَصْف الَّذِي قُلْنَا إِن الحكم يُوجد بِوُجُودِهِ وَإِن وجد الْوَصْف الآخر فَيعلم بذلك أَن الْوَصْف الَّذِي يُوجد الحكم مَعَ عَدمه ويعدم مَعَ وجوده لَيْسَ من الْعلَّة فَلَا يجوز أَن يضم إِلَيْهَا وَأما عكس الْعلَّة فَهُوَ أَن يعْدم الحكم فِي غير الأَصْل وَالْعلَّة منتفية وَأما الْمُعَارضَة بعلة فضربان أَحدهمَا أَن تقع الْمُعَارضَة فِي عِلّة الأَصْل بِأَن يُعلل الْمُعْتَرض الأَصْل بعلة أُخْرَى وَالثَّانِي أَن يُعَارض الْقيَاس بِقِيَاس آخر فان عَارض الْقيَاس بِقِيَاس آخر فَالْكَلَام عَلَيْهِ مَا تقدم وَإِن عَارض عِلّة الأَصْل وَلم يكن القائس مِمَّن يَقُول بالعلتين لم يكن لَهُ أَن يَقُول بهما وَإِن كَانَ من مذْهبه القَوْل بالعلتين لم يكن لَهُ أَن يَقُول بهما فِي هَذَا الْموضع إِلَّا بعد أَن يصحح علته لِأَن الْمعَارض لم يسلم عَلَيْهِ وَإِنَّمَا نازعه فِيهَا وَقَالَ لَهُ لَيْسَ الْعلَّة فِي الأَصْل مَا ذكرت وَإِنَّمَا الْعلَّة مَا أذكرهُ أَنا وَلَيْسَ يُمكن القائس إِذا عورض فِي عِلّة الأَصْل إِلَّا وُجُوه ثَلَاثَة أَحدهَا أَن يصحح علته وَيبين أَنَّهَا أولى من عِلّة خَصمه أَو يصحح علته وَيَقُول بهَا وبعلة خَصمه إِن كَانَت عِلّة خَصمه عِنْده صَحِيحَة أَو يفْسد عِلّة خَصمه بالوجوه الَّتِي ذَكرنَاهَا وَيخْتَص هَذَا الْموضع بِوَجْه آخر من وُجُوه الْفساد وَهُوَ أَن تكون الْعلَّة الَّتِي وَقعت الْمُعَارضَة بهَا غير متعدية وَهَذَا الْوَجْه يفْسد الْعلَّة على قَول بعض النَّاس وَأحد الْوُجُوه الَّتِي تقدم ذكرهَا مِمَّا يفْسد الْعلَّة النَّقْض فان نقض القائس الْعلَّة الَّتِي عورض بهَا فِي الأَصْل فقد أفسدها وَإِن نقض عكسها الْمَوْجُود فِي الْفَرْع جَازَ لَهُ ذَلِك إِن كَانَ المنازع لَهُ فِي عِلّة الأَصْل قد علل بعلة الأَصْل وَعلل الْفَرْع بعكسها وَإِن كَانَ إِنَّمَا علل الأَصْل بعلة وَلم يُعلل الْفَرْع أصلا وَإِنَّمَا ادعِي أَنه لَا عِلّة