يُسمى نصا فِي الْعرف قيل لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْفُقَهَاء يَقُولُونَ قد نصت الْأمة على كَذَا وَكَذَا كَمَا يَقُولُونَ نَص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كَذَا وَكَذَا وَإِن كَانُوا لَا يَتَعَارَفُونَ من إِطْلَاق اسْم النَّص على نَص الْأمة فَأولى أَن لَا يتعارفوا من إِطْلَاقه نَص مُوسَى وَعِيسَى فَيجب أَن لَا يتَنَاوَل الْحَد الْمَذْكُور مَا دلّ على نسخ الشَّرَائِع لِأَن الْأمة إِذا أطلقت اسْم النَّص لَا تَعْنِي بِهِ نَص غير النَّبِي من الْأَنْبِيَاء وَمَعْلُوم ان قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع عبَادَة لبَعض الْأَنْبِيَاء الْمُتَقَدِّمين يكون نسخا وَلَا يلْزمنَا مثل ذَلِك على مَا حددنا النَّاسِخ بقولنَا إِنَّه قَول صادر عَن الله أَو عَن رَسُوله لأَنا لم نقصر النَّص على كَلَام نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون كَلَام غَيره
فان قَالُوا الامة إِنَّمَا سوغت للعامي أَن يقبل مِمَّن يفتيه بِكُل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ فاذا أَجمعُوا على أحد الْقَوْلَيْنِ لم يجد الْعَاميّ من يفتيه بالْقَوْل الآخر فَيُقَال قد حرم عَلَيْهِ الْأَخْذ بِهِ قيل لَهُم قد يجد من يفتيه بِأَن يصير بعض الْمُجْتَهدين إِلَى القَوْل الآخر بعد إِجْمَاعهم وَمن حد الدَّلِيل النَّاسِخ بِمَا ذَكرْنَاهُ يحرم الْأَخْذ بالْقَوْل الآخر وَلَا يُجِيز التَّقْلِيد فِيهِ وَأَيْضًا فانه يحرم على الْمُجْتَهد بعد الْإِجْمَاع على أحد الْقَوْلَيْنِ أَن يصير إِلَى القَوْل الآخر وَيكون مأثوما بَعْدَمَا كَانَ من أهل الِاجْتِهَاد سوغوا لَهُ ذَلِك أَو قَالُوا لَا تكون مأثوما فقد حصل معنى النّسخ فِي الْمُجْتَهد وَأَيْضًا فَلَو أَجمعُوا على أحد الْقَوْلَيْنِ إِلَّا مُجْتَهد وَاحِد وَأفْتى الْعَاميّ بقوله ثمَّ وَافق من عداهُ على قَوْلهم قبل أَن يعْمل الْعَاميّ بذلك ثمَّ عرف مُوَافَقَته لَهُم فانه لَا يجوز لَهُ الْعَمَل على ذَلِك بعد مَا جَازَ لَهُ الْعَمَل عَلَيْهِ فقد صَار اتِّفَاقهم دَالا على أَن مثل الحكم الثَّابِت بنصهم غير ثَابت
فان قيل الامة إِذا اخْتلفت على قَوْلَيْنِ فانما سوغت للعامي وللمجتهد الْأَخْذ بِكُل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ بِشَرْط أَن لَا يتَّفق على أَحدهمَا وَهَذَا شَرط مفصل فوجوده لَا يكون نَاسِخا وَلَيْسَ كَذَلِك قَول الله سُبْحَانَهُ {أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا}