المعتمد (صفحة 801)

مصيبين لما خص سُلَيْمَان بِأَنَّهُ قد فهمه الحكم إِذْ كَانَ دَاوُد قد فهمه من الصَّوَاب مثل مَا فهم سُلَيْمَان وَلقَائِل أَن يَقُول مَا قَالَ الله عز وَجل أَنه قد فهمه الصَّوَاب فَيحْتَمل أَنه فهمه النَّاسِخ وَلم يفهم ذَلِك دَاوُد لِأَنَّهُ لم يبلغهُ وكل وَاحِد مِنْهُمَا مُصِيب فِيمَا حكم بِهِ على أَن أَكثر مَا فِي الْآيَة أَنَّهَا دَالَّة على أَن دَاوُد وَسليمَان كَانَ مصيبين وَلَيْسَ ذَلِك بِمُوجب كَون الْمُجْتَهدين فِي مَسْأَلَتنَا مصيبين

وَمِنْهَا إِجْمَاع السّلف فَروِيَ عَن أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ فِي الْكَلَالَة أَقُول فِيهَا برأيي فان يكن صَوَابا فَمن الله وَإِن يكن خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان وَالله وَرَسُوله مِنْهُ بريئان وَقَالَ عبد الله وَإِن يكن خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان وَالله وَرَسُوله مِنْهُ بريئان وَقَالَ عمر بن الْخطاب لكَاتبه اكْتُبْ هَذَا مَا رَآهُ عمر فان يكن صَوَابا فَمن الله وَإِن يكن خطأ فَمن عمر وَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي مَسْأَلَتنَا أُفْتِي جمَاعَة من الصَّحَابَة بِحَضْرَة عمر إِن كَانُوا قد اجتهدوا فقد أخطأوا وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أما يَتَّقِي الله زيد يَجْعَل ابْن الابْن ابْنا وَلَا يَجْعَل أَب الْأَب أَبَا وَهَذَا مَحْمُول على الْمُبَالغَة فِي التخطئة وَلَيْسَ يعرف لَهُم مُخَالف فِي السّلف وَلَا يجوز تأويلكم ذَلِك وَحمله على الْمجَاز لغير دلَالَة وَلَيْسَ للمخالف أَن يَقُول إِن الْحق فِي هَذِه الْمسَائِل فِي وَاحِد لِأَن من يَقُول كل مُجْتَهد مُصِيب يَجْعَل هَذِه الْمسَائِل من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَلَيْسَ لَهُم أَن يَقُولُوا إِن الصَّحَابَة جوزت أَن تكون قصرت فِي النّظر وَلم تبالغ فِيهِ وَلِهَذَا جوزوا على الْوَاحِد مِنْهُم أَن يكون مخطئا لِأَن الْمُخَالف يَقُول فِي هَذِه الْمسَائِل إِن الْمُخَالفين فِيهَا مصيبون وَلَا فصل بَينهَا وَبَين غَيرهَا من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَلَا يجوز أَن يُقَال فِي مثل هَذِه الْمَسْأَلَة إِنَّهُم لم ينْظرُوا فِي هَذِه الْمسَائِل وَأَنَّهُمْ حكمُوا فِيهَا بالتنحيت لأَنهم كَانُوا يؤمُّونَ إِلَى أماراتهم وَلِأَنَّهُم كَانُوا يجوزون التخطئة فِي هَذِه الْمسَائِل مَعَ علمهمْ أَنَّهَا متقولة بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَاد فَدلَّ إِطْلَاق ذَلِك على أَن مَا قيل من جِهَة الرَّأْي قد يدْخلهُ الْخَطَأ لأَنهم لم يفصلوا بَين أَن يكون قد قيل بِأول خاطر أَو قيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015