مَا سَأَلَ فان قَالُوا لَا مَعَ أَنه طَالب أَن يفعل المسؤول الْفِعْل لَا محَالة قُلْنَا مثله فِي السُّؤَال إِذا تجرد عَن نهي وَإِن قَالُوا هُوَ كَارِه لضد مَا سَأَلَهُ وَكَرَاهَة الْحسن قبيحة كَانُوا قد التزموا مَا عابوه وَإِن قَالُوا لَا يمْتَنع حسن كَرَاهَة الْحسن قُلْنَا مثله فِي السُّؤَال وَيُقَال لَهُم كَرَاهَة الْحسن قبيحة إِذا كَانَت كَرَاهَة لَهُ لِأَنَّهُ حسن فَأَما إِذا كَانَت كَرَاهَة لَهُ لِأَن فِيهِ مضرَّة أَو فَوت مَنْفَعَة فَلَا أَلا ترى أَن الْإِنْسَان يَقُول خرج زيد من عِنْدِي آخر النَّهَار وَإِنِّي لكاره لذَلِك لما لي فِي كَونه عِنْدِي من الْأنس وَلَا يلومه أحد على ذَلِك وَلَو قَالَ أردْت أَن يقتل زيد عمرا لأنني أحسده واستضر بجسدي إِيَّاه لامه الْعُقَلَاء فَلَيْسَ يلْزم حسن إِرَادَة الْقَبِيح على حسن كَرَاهَة الْحسن لَا لحسنه وَمَا نذكرهُ فِي الْكتاب من إِطْلَاق قبح كَرَاهَة الْحسن إِنَّمَا جرينا فِيهِ على طَريقَة أَصْحَابنَا
فان قَالُوا لَو كَانَ السَّائِل قد طلب الْفِعْل لَا محَالة لَكَانَ قد أوجب على المسؤول فعل مَا لَيْسَ بِلَازِم قيل الملزم غَيره الْفِعْل والموجب عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يلْحقهُ الذَّم واللوم بالإخلال بِهِ إِمَّا بِحَق وَإِمَّا بِغَيْر حق وَذَلِكَ مُرْتَفع عَن السَّائِل فَلم يكن مُوجبا وَلَا ملزما للْفِعْل
فان قَالُوا فَإِذا كَانَ السُّؤَال يَقْتَضِي الْفِعْل لَا محَالة وَلَا يُوجِبهُ فَمَا أنكرتم أَن يكون الْأَمر يَقْتَضِي الْفِعْل لَا محَالة وَلَا يُوجِبهُ قيل إِنَّا نقُول إِن لَفْظَة افْعَل تَقْتَضِي استدعاء الْفِعْل لَا محَالة وَقد يَسْتَدْعِي بهَا الْإِنْسَان الْقَبِيح والمباح لمنافعه وَإِنَّمَا نعلم أَنَّهَا استدعاء وَطلب لما لَيْسَ بقبيح وَلَا مُبَاح إِذا صدرت من حَكِيم وَلَا تجوز عَلَيْهِ الْمَنَافِع والمضار أَو ناقل عَمَّن لَا يجوز عَلَيْهِ الْمَنَافِع والمضار وَذَلِكَ يمْنَع أَيْضا أَن يكون استدعاء أَن يفعل الْمَأْمُور الْفِعْل لَا محَالة وَلَيْسَ هُوَ بِوَاجِب فعله لِأَنَّهُ لَا يحسن أَن يُقَال للمكلف افْعَل هَذَا الْفِعْل لَا محَالة وَهُوَ بِصفة النّدب إِلَّا وَبَين لَهُ أَنه بِصفة النّدب الَّذِي يجوز لَهُ الْإِخْلَال بِهِ لِأَن الله إِنَّمَا يَأْمُرنَا بمصالحنا ويستحيل عَلَيْهِ الْمَنَافِع والمضار وَلَا