وَقد قَالَ فِي كثير من كتبه إِن الْخمر هُوَ عصير الْعِنَب الني المشتد وَأما قِيَاسه النَّبِيذ على الْخمر بعلة الشدَّة وإيجابهم بذلك أَن يُسمى خمرًا فَبَاطِل لِأَن الْخمر لم تسم خمرًا للشدة فَقَط وَإِن كَانَ لَو لم تُوجد الشدَّة لم تسم خمرًا كَمَا أَن الْخلّ لم يسم خلا للحموضة وَإِن كَانَ لولاها لم يسم خلا لكنه إِنَّمَا سمى خمرًا لِأَنَّهُ عصير الْعِنَب الني المشتد وَلَو كَانَ قَوْلنَا خمر يشْتَمل التمري والعنبي لشمُول اسْم الْخمر لخمر الْعرَاق وخمر فَارس لَكَانَ قَول الْقَائِل لغيره أَمَعَك نَبِيذ أم خمر كَقَوْلِه أَمَعَك خمر أَو خمر الْعرَاق فَلَمَّا افْتَرقَا فِي الْجِنْس علمنَا أَن اسْم الْخمر لَا يتَنَاوَل النَّبِيذ وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخمر من هَاتين مَحْمُول على أَنه إِنَّمَا سمى مَا يكون من النَّخْلَة خمرًا مجَازًا لما ذَكرْنَاهُ الْآن
فان قيل هلا قُلْتُمْ إِنَّه يَقع عَلَيْهِ اسْم الْخمر يعرف الشَّرْع قيل لَيْسَ هَذَا قولا لأحد وَلَو اقْتَضَاهُ عرف الشَّرْع لسبق إِلَى إفهام أهل الشَّرْع من قَوْلنَا خمر التمري والعنبي مَعًا على سَوَاء كَمَا يسْبق إِلَى إفهامهم من اسْم الصَّلَاة هَذِه الْأَفْعَال الشَّرْعِيَّة فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يقبح أَن يَقُول الْقَائِل أَمَعَك نَبِيذ أم خمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن الْعلَّة هَل يتَوَصَّل بهَا إِلَى إِثْبَات الحكم فِي الْفَرْع وَإِن لم ينص عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة أم لَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
ذهب الشَّيْخ أَبُو هَاشم رَحمَه الله إِلَى أَنه لَا يجوز إِثْبَات الحكم فِي شَيْء بِالْقِيَاسِ إِلَّا وَقد ورد النَّص باثباته فِيهِ على الْجُمْلَة فَيكون الْقيَاس دَالا على تَفْصِيل الحكم قَالَ فَلَو لم يكن إِرْث الْأَخ ثَابتا فِي الْجُمْلَة لم يجز إِثْبَات إِرْثه مَعَ الْجد بِالْقِيَاسِ وَأَجَازَ غَيره من القائسين إِثْبَات الحكم بِالْقِيَاسِ وَإِن لم يتَقَدَّم إثْبَاته فِي الْجُمْلَة وَالدَّلِيل على ذَلِك هُوَ أَن الدّلَالَة الْعَقْلِيَّة على جَوَاز اسْتِعْمَال الْقيَاس لَا تخص التَّفْصِيل من الْجُمْلَة بل تجوز اسْتِعْمَال الْقيَاس فِيهَا وَلِأَن الْأمة قاست مَسْأَلَة الْحَرَام وَلم يتقدمه فِيهَا حكم شَرْعِي على الْجُمْلَة راموا