المعتمد (صفحة 693)

يَجْعَلهَا موروثة وَإِن وطىء الْبَهِيمَة زنا ثمَّ يتَعَلَّق بِهِ الْحَد وَبَعض الشَّافِعِيَّة كَانَ يقيس النَّبِيذ على الْخمر فِي تَسْمِيَته خمرًا لاشْتِرَاكهمَا فِي الشدَّة ثمَّ يحرمه بِالْآيَةِ وَأكْثر الْفُقَهَاء متفقون على أَن الْعِلَل تثبت بهَا الْأَحْكَام

فان كَانَ أَبُو الْعَبَّاس بن سُرَيج منع من إِثْبَات الْأَحْكَام فِي الْفَرْع بالعلل فَذَلِك بَاطِل لِأَن أَكثر الْمسَائِل إِنَّمَا تعلل فِيهَا أَحْكَامهَا دون أسمائها والأمارات إِنَّمَا تدل على أَن بعض صِفَات الأَصْل لَهُ تَأْثِير فِي الحكم لَا فِي الِاسْم أَلا ترى أَنا نعلل تَحْرِيم الْبر بِكَوْنِهِ مَكِيلًا لَا بِكَوْنِهِ مُسَمّى بِأَنَّهُ بر والأمارة إِنَّمَا تدل على أَن للكيل أَو الطّعْم تَأْثِيرا فِي تَحْرِيم بعضه بِبَعْض مُتَفَاضلا لَا فِي كَونه مُسَمّى بِأَنَّهُ بر ثمَّ إِنَّا نرد الارز إِلَيْهِ لنثبت فِيهِ حكمه ابْتِدَاء لَا تبعا للاسم لأَنا لَا نروم بقياسه عَلَيْهِ أَن نُسَمِّيه برا وَإِن أَرَادَ أَن الْعِلَل قد يتَوَصَّل بهَا إِلَى الْأَسْمَاء فِي بعض الْمَوَاضِع وَلم يمْنَع من أَن يتَوَصَّل بهَا إِلَى الْأَحْكَام أَيْضا فان أَرَادَ بالعلل الْعِلَل الشَّرْعِيَّة وبالأسماء الْأَسْمَاء اللُّغَوِيَّة فَذَلِك بَاطِل لِأَن اللُّغَة أسبق من الشَّرْع ولتقدم اللُّغَة خاطبنا الله تَعَالَى بهَا فَلَا يجوز إِثْبَات أسمائها بِأُمُور طارئة وَلِأَن أَمَارَات جَمِيع الْعِلَل الشَّرْعِيَّة تتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ وَلَا تتَعَلَّق بالأسماء اللُّغَوِيَّة وَإِن أَرَادَ أَن الْأَسْمَاء قد تثبت فِي اللُّغَة بِقِيَاس غير شَرْعِي نَحْو أَن نعلم أَنهم سموا الْجِسْم الْأَبْيَض الَّذِي حضرهم بِأَنَّهُ أَبيض لوُجُود الْبيَاض فِيهِ لعلمنا أَنه إِذا انْتَفَى عَنهُ الْبيَاض لم يسموه بذلك فاذا وجد فِيهِ سموهُ بذلك ثمَّ نقيس عَلَيْهِ مَا غَابَ عَنْهُم من الْأَجْسَام الْبيض فقد تقدم القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ هُوَ بِبَعِيد وَإِن أَرَادَ أَن من الْأَسْمَاء الشَّرْعِيَّة مَا تثبت بالعلل فَغير بعيد ايضا لأَنا نعلم أَن الشَّرِيعَة إِنَّمَا سمت الصَّلَاة صَلَاة لصفة من الصِّفَات مَتى انْتَفَت عَنْهَا لم تسم فِي الشَّرِيعَة صَلَاة فنعلم أَن مَا شاركها فِي تِلْكَ الصّفة يُسمى صَلَاة

وَأما قَول بعض الشَّافِعِيَّة أَن النَّبِيذ يُسمى خمرًا فَلَيْسَ هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015