أخر أَولا يعْتَبر شبها أصلا
فان قيل ألستم تقيسون الْفَرْع على أصل لم تدل دلَالَة على وجوب الْقيَاس عَلَيْهِ فَهَلا جَازَ أَن تقيس لأجل شبه لم تدل دلَالَة على كَونه عِلّة الْجَواب أَنا لَا نقيس الْفَرْع على اصل إِلَّا وَقد دلّت الدّلَالَة على وجوب الْقيَاس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا دلّت الدّلَالَة على عِلّة حكم الأَصْل وَعلمنَا وجودهَا فِي الْفَرْع فقيام الدّلَالَة الْعَقْلِيَّة أَو السمعية على أَنا متعبدون بِالْقِيَاسِ يدل على وجوب قِيَاس ذَلِك الْفَرْع على ذَلِك الأَصْل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن طَرِيق الْعلَّة الشَّرْعِيَّة الشَّرْع فَقَط - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن طَرِيق الْعلَّة الشَّرْعِيَّة هُوَ كَيْفيَّة ثُبُوت حكمهَا وتأثيرها فِيهِ نَحْو أَن يثبت حكمهَا مَعهَا فِي الأَصْل وينتفي بانتفائها وَمَعْلُوم أَن ذَلِك مَوْقُوف على الشَّرْع لِأَن حكمهَا وَكَيْفِيَّة ثُبُوتهَا بِحَسب الْعلَّة حاصلان بِالشَّرْعِ فَقَط
فان قيل هلا توصلتم إِلَيْهَا بأمارة من جِهَة الْعَادَات كَمَا تتوصلون إِلَى قيم الْمُتْلفَات وجهة الْقبْلَة بأمارات من جِهَة الْعَادَات قيل إِنَّمَا سَاغَ ذَلِك فِي الْقيم لِأَن الْعَادَات قد جرت بِبيع الْأَشْيَاء الَّتِي من جنس الْمُتْلف وَأمكن أَن يعرف قيمَة الْمُتْلف بِاعْتِبَار ثمن نَظِيره فَأَما الْعِلَل الشَّرْعِيَّة فأحكامها شَرْعِيَّة لم تثبت بالعادات فتعلم علتها بكيفية ثُبُوتهَا فِي الْعَادة وَأما الْقبْلَة فقد عرف كَونهَا فِي بعض الْجِهَات وَعرف كَون الشَّمْس فِي بعض الْجِهَات وَكَذَلِكَ الرِّيَاح فَأمكن أَن نستدل بِبَعْض مَا هُوَ فِي جِهَة على شَيْء آخر هُوَ فِي جِهَة وَلَيْسَ كَذَلِك الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مَعَ أَمَارَات الْعَادَات
إِن قيل أَلَيْسَ نستدل بعقولنا على أَن الحكم الشَّرْعِيّ إِذا حصل عِنْد صفة وارتفع عِنْد ارتفاعها فَهُوَ مُؤثر فِيهِ قيل إِنَّا لَا ندفع أَن الِاسْتِدْلَال