المعتمد (صفحة 668)

وأصحابنا ينفصلون عَن ذَلِك بِأَن الْمحرم من الْبر علته وَاحِدَة وَهِي الْكَيْل إِلَّا أَن الْمحرم هُوَ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْل دون مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهي عَن بيع الْبر بِالْبرِّ إِلَّا كَيْلا بكيل فَأجَاز بِالْكَيْلِ مَا منع مِنْهُ بِغَيْر كيل وَالَّذِي يجوز بَيْعه إِذا تساوى فِي الْكَيْل هُوَ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْل فَيجب أَن يكون مَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْكَيْل هُوَ مَا يحرم بَيْعه إِذا تفاضل فِي الْكَيْل فَهَذَا هُوَ الْكَلَام فِي وجود الْعلَّة فِي الأَصْل وَالْفرع

فَأَما طَرِيق وجودهَا فيهمَا فقد يجوز أَن تكون أَمارَة تُفْضِي إِلَى الظَّن وَقد تكون دلَالَة تَقْتَضِي وجودهَا فيهمَا ضَرُورَة وَلَا فرق بَين هَذِه الْأَقْسَام فِي صِحَة الْقيَاس لِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يعلق الحكم بِمَا يَظُنّهُ عِلّة الحكم جَازَ أَن يعلق الحكم بِمَا ظن وجوده من عِلّة الحكم أَلا ترى أَنا يظنّ مَجِيء الْمَطَر إِذا ظننا بِخَبَر من ظَاهره الصدْق وجود الْغَيْم كَمَا يظنّ ذَلِك وَإِن علمنَا وجود الْغَيْم فاذا جَازَ لنا التَّسْوِيَة بَين الأَصْل وَالْفرع إِذا ظننا اشتراكهما فِي الاوصاف جَازَ ذَلِك مَعَ الْعلم المكتسب لاشْتِرَاكهمَا فِي الْأَوْصَاف وَكَانَ جَوَاز ذَلِك فِي الْعلم الضَّرُورِيّ باشتراكهما فِي الْأَوْصَاف أَحَق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَنه لَا بُد فِي الْقيَاس من عِلّة وَأَنه لَا بُد أَن يكون إِلَيْهِمَا طَرِيق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن الْقيَاس الشَّرْعِيّ لَا بُد فِيهِ من أصل وَفرع يثبت فِيهِ حكم الأَصْل وَلَيْسَ يَخْلُو القائس إِمَّا أَن يثبت الحكم فِي الْفَرْع تبعا لثُبُوته فِي الأَصْل أَولا يثبت تبعا لَهُ فان لم يُثبتهُ تبعا للْأَصْل كَانَ مبتدئا بالحكم غير قائس وَإِن أثبت الحكم فِي الْفَرْع تبعا لثُبُوته فِي الأَصْل وَلم يعْتَبر شبها بَين الْفَرْع وَالْأَصْل لم يكن بِأَن يتبع الْفَرْع هَذَا الأَصْل بِأولى من أَن لَا يتبعهُ إِيَّاه ويتبعه أصلا وَيجب أَن يكون لذَلِك الشّبَه تعلق بالحكم وتأثير فِيهِ وَإِلَّا لم يكن القائس بِأَن يعْتَبر ذَلِك الشّبَه بِأولى من أَن لَا يعتبره وَيعْتَبر شبها آخر بَين الْفَرْع وَبَين أصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015