بقياسها على غَيرهَا وَجَاز إخْرَاجهَا من الْعُمُوم بقياسها أَيْضا على غَيرهَا فَتَنَاول النُّصُوص للحادثة لَا يَقْتَضِي كوننا غير متعبدين فِيهَا بِالْقِيَاسِ وَأما تنَاول الْعقل للحادثة فانه إِنَّمَا يَقْتَضِي إِثْبَات حكمه فِيهَا ويغني عَمَّا سواهُ مَا لم ينْقل عَنهُ دَلِيل شَرْعِي فَعَلَيْهِم أَن يبينوا أَن الْقيَاس لَيْسَ بِدَلِيل شَرْعِي حَتَّى يمْتَنع أَن ينقلنا عَن حكم الْعقل هَذَا إِذا كَانَ الْقيَاس غير مُطَابق لحكم الْعقل فان كَانَ مطابقا لَهُ فَمَا الْمَانِع من ان يدل هُوَ على الْحَادِثَة مَعَ الْعقل كَمَا يدل الْعقل على الْحَادِثَة مَعَ خبر وَاحِد
وَمِنْهَا قَوْلهم لَو نَص الله عز وَجل على عِلّة حكم الْحَادِثَة مَا جَازَ أَن نقيس عَلَيْهَا غَيرهَا بِتِلْكَ الْعلَّة فأحرى أَن لَا يجوز أَن نقيس على مَا لم ينص على علته وَإِذا لم يجز لنا الْقيَاس ثَبت أَن الله عز وَجل مَا تعبدنا بِهِ وَاسْتَدَلُّوا على أَن الْقيَاس على مَا نَص على علته لَا يجوز بِأَن الْإِنْسَان لَو قَالَ لوَكِيله أعتق زيدا عَبدِي لِأَنَّهُ اسود مَا جَازَ أَن يعْتق كل عبد لَهُ أسود الْجَواب يُقَال لَهُم أتمنعون الْقيَاس على مَا نَص على عِلّة حكمه وَإِن تعبدنا بِالْقِيَاسِ أَو إِن لم نتعبد بِالْقِيَاسِ فان قَالُوا بِالْأولِ كَانُوا قد منعُوا من فعل مَا تعبد الله عز وَجل بِهِ لِأَن الله عز وَجل إِذا تعبدنا بِالْقِيَاسِ فَأولى المقاييس مَا نَص على علته وَإِن قَالُوا بِالثَّانِي قيل لَهُم من النَّاس من يَقُول لَا يجوز الْقيَاس على مَا نَص على علته إِلَّا بعد أَن نتعبد بِالْقِيَاسِ وَلَا يَكْفِي النَّص على عِلّة الحكم فِي إِبَاحَة الْقيَاس ويحوج إِلَى ذَلِك من النَّص على الْعلَّة وَمَعَ فقد النَّص عَلَيْهَا ويسوى بَين الْمَوْضِعَيْنِ وَمن النَّاس من يَقُول يَكْفِي النَّص على الْعلَّة فِي جَوَاز الْقيَاس بهَا لما سَنذكرُهُ فِي بَاب ياتي وَلَا بُد من تعبد بِالْقِيَاسِ إِذا لم ينص على الْعلَّة وَإِن اخْتلفُوا فَمنهمْ من يَقُول إِن التَّعَبُّد بذلك يثبت عقلا وَشرعا وَمِنْهُم من يَقُول يثبت شرعا فَقَط فَمَا بني عَلَيْهِ الْمُسْتَدلّ دَلِيله من أَن الْقيَاس على مَا نَص على علته لَا يجوز لَا يُسلمهُ هَؤُلَاءِ وَمَا احْتج بِهِ من الْعتْق سَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب مُفْرد أَن شَاءَ الله تَعَالَى