الحكم وَمعنى ذَلِك انه فعل كل وَاحِد من ذَلِك لأجل الحكم
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ وَإِن جَازَ فان مقايستكم لم يرد التَّعَبُّد بهَا لِأَنَّهُ مَا من فرع إِلَّا وَيُشبه أصلين متضادي الحكم وَذَلِكَ يَقْتَضِي ثبوتهما فِيهِ وَذَلِكَ محَال فَعلمنَا أَن الله سُبْحَانَهُ لم يتعبدنا بذلك الْجَواب يُقَال لَهُم إِن كل فرع يشبه أصلين متضادي الحكم ثمَّ لَو كَانَ الْأَمر كَذَلِك لم يؤد إِلَى محَال لِأَن من لَا يُجِيز الحكم فِي الْفَرْع بالتخيير يَقُول إِن الله سُبْحَانَهُ قد جعل لنا طَرِيقا إِلَى قُوَّة شبهه باحد الْأَصْلَيْنِ فَيَنْبَغِي أَن يُرَاجع الْمُجْتَهد النّظر حَتَّى يظفر بذلك وَمن يجوز الحكم بالتخيير يَقُول يجوز ان يعتدل الشبهان عِنْد الْمُجْتَهد فَيكون مُخَيّرا بَين إِلْحَاقه بِأَيّ الْأَصْلَيْنِ شَاءَ فَلَا يُنَافِي فِي ذَلِك وَالْقَوْل فِي ذَلِك كالقول فِي أَخْبَار الْآحَاد المتعارضة
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْقيَاس وَإِن جَازَ التَّعَبُّد بِهِ مَوْقُوف على ثُبُوت الْحَاجة إِلَيْهِ وَتَنَاول النُّصُوص الْخَاصَّة والعامة للحوادث كلهَا يرفع الْحَاجة إِلَيْهِ فاذا لسنا متعبدين بِهِ الْجَواب أَن قَوْلهم إِن النُّصُوص متناولة لجَمِيع الْحَوَادِث دَعْوَى وَلَو كَانَت النُّصُوص متناولة لجَمِيع الْحَوَادِث لتناولت الْحَوَادِث الَّتِي اخْتلف الصَّحَابَة فِيهَا وَكَانُوا يحتجون بهَا وَلما لم يحتجوا بهَا علمنَا أَنه لم يكن فِيهَا نُصُوص وَلَو تناولت النُّصُوص جَمِيع الْحَوَادِث لما افْتقر نفاة الْقيَاس إِلَى الِاسْتِدْلَال بِالْبَقَاءِ على حكم الْعقل فِي كثير من الْحَوَادِث
وَمِنْهَا أَن يزِيدُوا فِي هَذِه الدّلَالَة فيقولوا تنَاول خَاص النُّصُوص وعامها أَو دَلِيل الْعقل لكل حَادِثَة تغني عَن الْقيَاس فِيهَا فَلم نَكُنْ متعبدين بِهِ إِذْ التَّعَبُّد بِهِ مَوْقُوف على الْحَاجة ولسنا مُحْتَاجين إِلَيْهِ مَعَ هَذِه الامور الْجَواب أَن تنَاول النُّصُوص للحادثة لَا يمْنَع من قياسها على غَيرهَا إِذا كَانَ حكم الْقيَاس هُوَ حكم النَّص لِأَنَّهُ إِن تنَاولهَا خبر وَاحِد كَانَ عَلَيْهَا أمارتان خبر وَاحِد وَقِيَاس وَإِن تنَاولهَا خبر متواتر قسناها على غَيرهَا لِأَنَّهُ لَو لم يكن الْخَبَر الْمُتَوَاتر لدل الْقيَاس على حكمهَا وَإِن تنَاول الْحَادِثَة عُمُوم جَازَ إِثْبَات حكم الْعُمُوم فِيهَا