المعتمد (صفحة 645)

أثبت فِي الاصول الَّتِي لَا ينفرع على غَيرهَا الحكم إِلَّا بِالنَّصِّ أَو الْبَقَاء على حكم الْعقل كَذَا لَا اثْبتْ فِي غَيرهَا حكما إِلَّا بِالنَّصِّ أَو بِالْبَقَاءِ على حكم الْعقل دَلِيل آخر وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} فَظَاهر الرَّد يُفِيد الْقيَاس وَلِأَنَّهُ لَو أَرَادَ بِالرَّدِّ إِلَى الله الِاسْتِدْلَال بِظَاهِر كتاب الله تَعَالَى لَكَانَ الْكَلَام متكررا لِأَن ذَلِك مُسْتَفَاد من قَول الله تَعَالَى {وَأَطيعُوا الله} إِذا ذَلِك أَمر بامتثال خطاب الله سُبْحَانَهُ كُله وَالْجَوَاب أَن الرَّد إِلَى الله يُفِيد الرُّجُوع إِلَى ظَاهر كتاب الله جليه وخفيه لِأَنَّهُ يُقَال لمن يسْتَدلّ بِهِ وَيعْمل بِمَا فِيهِ إِنَّه يرد امْرَهْ إِلَى الله وَالْغَرَض بِالْآيَةِ أَمر بِطَاعَة الله سُبْحَانَهُ فِيمَا نعلم أَنه امرنا بِهِ وأمرنا بِمَا لَا نعلم أَنه أمرنَا بِهِ مِمَّا اخْتَلَفْنَا فِيهِ أَن نرده إِلَى كتاب الله عز وَجل وَسنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن نفحص عَنهُ فيهمَا حَتَّى إِذا علمنَا أَنه مِمَّا أمرنَا الله تَعَالَى بِهِ دخل ذَلِك فَمَا قد أوجبه علينا فِي اول الْآيَة من طَاعَته وَطَاعَة رَسُوله فَلَا تكْرَار فِي ذَلِك وَيحْتَمل أَن يكون الله تَعَالَى عَنى بِالْخِطَابِ المعاصرين للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن خطاب المواجهة هَذَا ظَاهره فَقَالَ لَهُم أطِيعُوا الله فِيمَا امركم بِهِ وَأَطيعُوا الرَّسُول فان تنازعتم فِي شَيْء لم يظْهر فِيهِ من الله وَرَسُوله أَمر فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول بِأَن تسألوا عَنهُ الرَّسُول

فان قيل هَذَا قصر للخطاب على المعاصرين للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام دون غَيرهم وذل تَخْصِيص بِغَيْر دلَالَة قيل ظَاهر المواجهة يَقْتَضِي الْحَاضِرين وَأَيْضًا فانا إِن تركنَا الظَّاهِر من هَذَا الْوَجْه فَنحْن متمسكون بِهِ من حَيْثُ جَعَلْنَاهُ عَاما فِي أهل الِاجْتِهَاد وَغَيرهم وَأَنْتُم تخصون بِالرَّدِّ أهل الِاجْتِهَاد فَكل منا تَأَول الظَّاهِر وَأَنْتُم المستدلون

دَلِيل آخر قَوْله تَعَالَى {وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} والاستنباط هُوَ الْقيَاس وَكَذَلِكَ الرَّد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015