المعتمد (صفحة 644)

اعْتِبَار الشَّيْء بِغَيْرِهِ وإجراء حكمه عَلَيْهِ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي الْأَسْنَان اعْتبر حكمهَا بالأصابع فِي ان دِيَتهَا مُتَسَاوِيَة وَقَالَ اعْتبر هَذَا بِهَذَا وَقَوْلهمْ إِن فِي هَذَا عِبْرَة مَعْنَاهُ أَن فِيهِ مَا يَقْتَضِي حمل غَيره عَلَيْهِ نَحْو أَن يعاجل من ظلم بِالْهَلَاكِ فَيُقَال فِي هَذَا عِبْرَة أَي فِيهِ مَا يَقْتَضِي حمل غَيره عَلَيْهِ وَلَيْسَ الِاعْتِبَار هُوَ الانزجار والاتعاظ لِأَن الاتعاظ والانزجار غَايَة الِاعْتِبَار فَعلمنَا تباينهما

إِن قيل لَو كَانَ الِاعْتِبَار مَا ذكرْتُمْ لوصف قائس الْفُرُوع على الاصول بِأَنَّهُ مُعْتَبر وَإِن أقدم على الْمعاصِي وَلم يعْمل لآخرته قيل لَا يُوصف بِهَذَا لِأَن إِطْلَاق ذَلِك يُفِيد أَنه مُعْتَبر بِجَمِيعِ مَا يَنْبَغِي أَن يعْتَبر بِهِ لِأَنَّهُ يخرج مخرج الْمَدْح لكنه يُقَال إِنَّه يعْتَبر الْفُرُوع بالاصول

إِن قيل لَو كَانَ المُرَاد بِالْآيَةِ مَا ذكرْتُمْ لحسن التَّصْرِيح بِهِ وَمَعْلُوم أَنه لَا يحسن أَن نقُول يخرجُون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ فقيسوا الارز على الْبر قيل إِنَّمَا لم يحسن ذَلِك لِأَنَّهُ اقْتِصَار على مَا لَا تعلق لَهُ بالْكلَام وعدول عَمَّا يتَعَلَّق بِهِ وَيُفَارق ذَلِك أَن يَأْتِي بِكَلَام يشْتَمل على مَا يتَعَلَّق بالْكلَام الْمُتَقَدّم وعَلى مَا لَا يتَعَلَّق بِهِ أَلا ترى أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لَو سُئِلَ عَمَّن بلع حَصَاة فِي شهر رَمَضَان لم يحسن أَن يَقُول من جَامع فِي رَمَضَان فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة إِذا لم يكن فِي ذَلِك تَنْبِيه على حكم من بلغ حَصَاة وَيحسن أَن يَقُول من أفطر فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وَلَو كَانَ ذَلِك دخل فِيهِ لُزُوم الْكَفَّارَة لمن بلع حَصَاة

ولمعترض أَن يَقُول إِن قَوْله سُبْحَانَهُ {فاعتبروا} لَيْسَ بِعُمُوم فَلم يفد جَمِيع ضروب الِاعْتِبَار فِي كل شَيْء كَمَا أَن قَول الْقَائِل اقْتُلُوا لَا يُفِيد جَمِيع ضروب الْقَتْل وَلَا قتل كل إِنْسَان واعترضت الدّلَالَة أَيْضا بِأَن للمخالف أَن يَقُول إِنَّا اعْتبرنَا بالاصول الَّتِي وَردت فِيهَا النُّصُوص فَكَمَا لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015