المعتمد (صفحة 634)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَنه لَا يجوز التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ فِي جَمِيع الشرعيات وَيجوز التَّعَبُّد فِي جَمِيعهَا بالنصوص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أما جَوَاز ذَلِك بالنصوص لِأَنَّهُ مُمكن أَن ينص الله عز وَجل على صِفَات الْمسَائِل فِي الْجُمْلَة فَيدْخل تفصيلها فِيهَا وَيجوز أَن يكون فِي ذَلِك مصلحَة نَحْو أَن ينص الله تَعَالَى على الرِّبَا فِي كل مَوْزُون فَيدْخل فِي ذَلِك أَنْوَاع الموزونات أما التَّعَبُّد فِي جَمِيعهَا بِالْقِيَاسِ فَلَا يَصح لِأَنَّهُ إِمَّا أَن تقاس جَمِيع الشرعيات أَو لَا تقاس فان لم تقس انْتقض كَونهَا مقيسة وَإِن قيست فاما أَن يُقَاس على غَيرهَا وَإِمَّا ان يُقَاس بَعْضهَا على بعض بِأَن يُقَاس الْفَرْع على الأَصْل وَيُقَاس الأَصْل على فَرعه وَفِي ذَلِك تبين الشَّيْء بِنَفسِهِ وَإِن قيست على غَيرهَا فَذَلِك الْغَيْر إِمَّا شَرْعِي وَإِمَّا عَقْلِي وقياسها على أصُول غَيرهَا شرعيه لَا يُمكن لأَنا قد فَرضنَا الْكَلَام فِي أَن يكون جَمِيع الشرعيات مقيسة وَلم يبْق مِنْهَا شَيْء يُقَاس عَلَيْهِ وَإِن قيست على أصُول عقلية بِاعْتِبَار وُجُوه قبحها وحسنها أَو بِاعْتِبَار أَمَارَات عقلية مستندة إِلَى عادات لم يَصح لأَنا لم نجد فِي الْعقل أصلا لوُجُوب الصَّلَاة وأعداد ركعاتها وشروطها واوقاتها وَلَا نعلم أَيْضا وَجه وجوب ذَلِك فِي الصَّلَاة من جِهَة الْعقل فَيَقَع الْقيَاس بهَا على غَيرهَا وَأما الأمارات المستخرجة بالعادات فَلَيْسَتْ دَالَّة على وجوب شَيْء وَلَا على حظره وَإِنَّمَا تدل على حُدُوث حَادث كأمارة الْمَطَر أَو تدل على مِقْدَار شَيْء كأمارة قيمَة الْمُتْلف وَلَيْسَ وجوب الصَّلَاة وأعداد ركعاتها من هذَيْن وَلَا تَجِد من جِهَة الْعَادَات أَمَارَات على وجوب الصَّلَاة وشروطها وَلَو دلّت أَمَارَات الْعَادَات على ذَلِك لما كَانَ وجوب الصَّلَاة شَرْعِيًّا بل كَانَ مَعْرُوفا بِالْعَادَةِ فصح أَن التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ فِي جَمِيع الشرعيات لَا يجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015