أَن النَّص دلّ على حكم الأَصْل ثمَّ استخرجتم عِلّة الحكم وقستم بهَا بعض الْفُرُوع وَهَذَا الَّذِي أنكرناه
وَمِنْهَا قَوْلهم الْقيَاس فعلنَا وَلَا يجوز التَّوَصُّل إِلَى الْمصَالح بفعلنا الْجَواب أَن الْقيَاس هُوَ إِثْبَات حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لاشْتِرَاكهمَا فِي عِلّة الحكم وَلَا بُد فِي ذَلِك من أَمارَة يسْتَدلّ بهَا على عِلّة الأَصْل وَمن دَلِيل يدلنا على وجوب إِلْحَاق حكم الأَصْل بالفرع الَّذِي وجدت فِيهِ عِلّة الحكم وَلَا بُد من نظر فِي هَذِه الدّلَالَة وَفِي الامارة فان أَرَادوا بقَوْلهمْ إِن الْقيَاس فعلنَا إثباتنا حكم الأَصْل فِي الْفَرْع فَذَلِك هُوَ اعتقادنا وَلَيْسَ هُوَ الَّذِي توصلنا بِهِ إِلَى الْمصَالح بل إِنَّمَا توصلنا إِلَى هَذَا الِاعْتِقَاد بِغَيْرِهِ وَإِن أَرَادوا الدَّلِيل الدَّال على وجوب إِلْحَاق الْفَرْع بِالْأَصْلِ أَو الأمارة الدَّالَّة على صِحَة الْعلَّة فَذَلِك لَيْسَ بفعلنا وَإِن أَرَادوا النّظر فِي الدَّلِيل والأمارة فلعمري إِنَّه فعلنَا وَلَيْسَ يمْتَنع أَن نتوصل بِهِ إِلَى الْمصَالح إِذا وَقع فِي دَلِيل كَمَا أَن النُّصُوص تُؤدِّي إِلَى الْمصَالح بِشَرْط وُقُوع النّظر فِيهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَكل ظن وكل علم مكتسب فانما يتَوَصَّل إِلَيْهِ بِالنّظرِ وَهُوَ فعلنَا
وَمِنْهَا قَوْلهم جلى الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة لَا تعرف إِلَّا بالنصوص فَلم يجز إِثْبَات خفيها إِلَّا بِالنَّصِّ أَيْضا لِأَن مَا علم جليه بطرِيق فخفيه لَا يعلم إِلَّا بذلك فِي الطَّرِيق كالمدركات لَا يعلم جليها وخفيها إِلَّا بالإدراك الْجَواب يُقَال لَهُم وَلم إِذا كَانَت المدركات كَذَلِك كَانَت غَيرهَا مثلهَا أَلَيْسَ مَا عدا الشرعيات يعلم جليه بالإدراك والضرورة وَيعلم خفيه بالاستدلال دون الْإِدْرَاك وجلى الشرعيات تعلم بالنصوص الظَّاهِرَة وخفيها تعلم بِنَصّ خَفِي وَكثير من الزَّعْفَرَان الْوَاقِع فِي المَاء يعلم بالإدراك وخفيه يعلم بِخَبَر من شَاهد وُقُوعه فِيهِ فان قَالُوا أَلَيْسَ قد اسْتندَ ذَلِك إِلَى الْمُشَاهدَة قيل فَكَذَلِك أَحْكَام الْفُرُوع تستند إِلَى الْأَحْكَام الثَّابِتَة بالنصوص وَأجَاب قَاضِي الْقُضَاة عَن الشُّبْهَة بِمَا ذَكرْنَاهُ من وُقُوع الزَّعْفَرَان فِي المَاء وَبِأَن جَمِيع الشرعيات تعلم