المعتمد (صفحة 625)

لِأَنَّهَا لطف وَنحن مَعَ الْمعرفَة وَالْعلم بِهِ ابعد من الْقَبِيح وَمَتى أمعن الْإِنْسَان فِي النّظر وصل إِلَى الْعلم بِهِ فَلَزِمَ الْإِنْسَان ذَلِك لِأَنَّهُ يلْزمه كل مَا مَعَه يكون أبعد من الْقَبِيح وَمن المضار ويمكنه ذَلِك بالإمعان فِي النّظر

فان قيل أَيجوزُ أَن لَا يُمكنهُ ذَلِك بِأَن لَا تنصب لَهُ دلَالَة عَلَيْهِ وتنصب لَهُ أَمارَة قيل هَذَا محَال لِأَن جسم الْإِنْسَان دلَالَة على الله تَعَالَى فَكيف يجوز وَالْحَال هَذِه أَن لَا يكون الْإِنْسَان دلَالَة على ربه

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْمصَالح لَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا بالاستدلال وَلَكِن بالنصوص فَكيف يتعبد فِيهَا بِالْقِيَاسِ الْجَواب أَنهم إِن أَرَادوا أَن الْمصَالح لَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا بالاستدلال أصلا فَذَلِك بَاطِل بالاستدلال بالنصوص وَإِن أَرَادوا الِاسْتِدْلَال بالأمارات قيل أتريدون الأمارات الَّتِي لَا تستند إِلَى اصول منصوصة فان قَالُوا نعم فَكَذَلِك نقُول وَإِن قَالُوا نُرِيد الأمارات المستندة إِلَى اصول منصوصة فَهُوَ نفس الْمَسْأَلَة فقد استدلوا على صِحَة قَوْلهم بقَوْلهمْ

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الأمارة وَالظَّن قد يخطئان وَلَا يجوز أَن يتعبد الْحَكِيم فِي الْمصَالح بِمَا يجوز أَن يخطىء الْمصَالح الْجَواب أَنا لَا نقُول إِنَّا نظن الْمصلحَة فَيلْزم مَا ذكرْتُمْ وَإِنَّمَا نقُول إِن عَملنَا بِحَسب الظَّن هُوَ الْمصلحَة وَذَلِكَ مَعْلُوم بِدَلِيل قَاطع وَهُوَ دَلِيل التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ على أَن مَا ذَكرُوهُ منتقض بِمَا تعبدنا فِيهِ بِالظَّنِّ فِي الشَّرْع وَالْعقل كالشهادات وَالتَّصَرُّف فِي الْمَنَافِع والمضار لأَنا قد نتصرف وَنحن نظن الْمَنْفَعَة فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى الْمضرَّة وَيحسن ذَلِك وَإِن أمكن أَن يدلنا الله عز وَجل على مَا فِيهِ منافعنا بِدَلِيل قَاطع أَو يعلمنَا الله عز وَجل ذَلِك ضَرُورَة وَقد أجَاب قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله عَن الشُّبْهَة بِأَن الْمصَالح إِنَّمَا يتَوَصَّل إِلَيْهَا بالنصوص لَا غير لَكِن بَعْضهَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ بِنَصّ ظَاهر وَبَعضهَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ بِنَصّ خَفِي يفْتَقر إِلَى الِاسْتِدْلَال حَتَّى يعلم أَن الحكم مُرَاد بِهِ وَمَا علم بِالْقِيَاسِ من هَذَا الْقَبِيل وَلقَائِل أَن يَقُول إِنَّه لَا معنى لقولكم إِن النَّص دلّ على حكم الْفَرْع وأنكم احتجتم إِلَى اسْتِدْلَال لِتَعْلَمُوا أَنه مُرَاد بِالنَّصِّ إِلَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015