واستدلال وخبرهم يَقع عَن إِدْرَاك فَهُوَ فصلنا
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن الْإِجْمَاع حجَّة فِي الْعَصْر وَفِيمَا بعده وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَن يكون فيهم من يخالفهم حَتَّى يَكُونُوا حجَّة عَلَيْهِ وَالْجَوَاب أَنه يجوز أَن يَكُونُوا حجَّة على من يَأْتِي من بعد وَحجَّة على آحادهم تمنعهم من الرُّجُوع عَمَّا قَالُوهُ وَلَو وَجب أَن يكون الْإِجْمَاع حجَّة على مُخَالف قد عاصر المجمعين لوَجَبَ إِذا أجمع كلهم على قَول أَن لَا يكون حجَّة
فاذا ثَبت أَن خلاف الْوَاحِد والاثنين لَا ينْعَقد مَعَه الْإِجْمَاع فَمَتَى رُوِيَ إِجْمَاع أهل عصر مُتَقَدم على قَول وَرُوِيَ بالتواتر ان وَاحِدًا لم يجْتَمع مَعَهم لم يكن إِجْمَاعًا وَإِن رُوِيَ ذَلِك بالآحاد فان كَانَ قد رُوِيَ عَنهُ بالتواتر الْوِفَاق لم يتْرك التَّوَاتُر لأجل الْآحَاد كَمَا لَا يُعَارض خبر وَاحِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَبَر متواتر وَإِن لم يكن قد رُوِيَ مُوَافقَة لَهُم لم يحكم بِأَنَّهُم أَجمعُوا لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي أَن يعلم مُوَافقَة ذَلِك الْوَاحِد لَهُم فَكيف إِذا رويت عَنهُ الْمُخَالفَة
وَحكى الشَّيْخ أَبُو عبد الله عَن الشَّيْخ ابي الْحسن أَن الْإِجْمَاع إِذا ظهر فِي الْعَصْر وَرُوِيَ عَن وَاحِد مِنْهُم بالآحاد خِلَافه لم يقْدَح ذَلِك فِي الْإِجْمَاع ذكر ذَلِك فِيمَا رُوِيَ بالآحاد عَن أبي طَلْحَة فِي الْبرد وَإِن علمنَا أَن اتِّفَاق أهل الْعَصْر إِلَّا الْوَاحِد وَعلمنَا أَنه كَانَت لَهُ حَالَة مُوَافقَة فان علمنَا أَنه وافقهم ثمَّ خالفهم ثَبت الْإِجْمَاع وَإِن علمنَا أَنه خَالف تِلْكَ الْمقَالة قبل أَن يجتمعوا لم يثبت الْإِجْمَاع وَإِن لم نعلم هَذَا التَّفْصِيل فَالْأولى أَن لَا يثبت الْإِجْمَاع لِأَنَّهُ لم يُؤمن أَن لَا يكون إِنَّمَا قَالَ بذلك القَوْل قبل أَن يَقُولُوا بِهِ ثمَّ خَالفه قبل أَن يتفقوا عَلَيْهِ فان حكى عَن بعض أهل الْعَصْر مَا يحْتَمل أَن يكون مُوَافقَة وَمَا يحْتَمل أَن لَا يكون مُوَافقَة لَهُم فان كَانَ ظَاهره الْمُوَافقَة حمل عَلَيْهَا وَإِن كَانَ ظَاهره الْمُخَالفَة حمل عَلَيْهَا وَإِن لم يكن لَهُ ظَاهر فَذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَنه يحمل على الْمُوَافقَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُخَالفا لقويت دواعيه إِلَى إِظْهَار الْخلاف وَلَيْسَ كَذَلِك لَو كَانَ مُوَافقا لِأَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمُوَافقَة السُّكُوت وَترك