أَن مَا تنَاوله مَا كَانَ أُرِيد بِالْعَام فبأن يجوز النّسخ بهَا أولى إِذْ كَانَ النّسخ إِنَّمَا يرفع مثل الحكم بعد كَون الحكم مرَادا بِالْآيَةِ وَالْجَوَاب أَن مَا ذَكرُوهُ يدل على جَوَاز النّسخ بِهِ من جِهَة الْعُقُول وَلَا يدل على أَنه مَا منع مِنْهُ فِي الشَّرِيعَة وَقد بَينا أَن الْإِجْمَاع قد منع مِنْهُ
وَمِنْهَا قَوْلهم إِن نسخ الْكتاب قد وَقع بأخبار الْآحَاد من وُجُوه مِنْهَا ان قَوْله {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ} الْآيَة مَنْسُوخ بِمَا رُوِيَ بالآحاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَالْجَوَاب أَن قَوْله {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ} إِنَّمَا يتَنَاوَل مَا اوحي إِلَيْهِ إِلَى تِلْكَ الْغَايَة وَلَا يتَنَاوَل مَا بعد ذَلِك فَلم يكن النَّهْي الْوَارِد بعد ذَلِك نسخا وَأَيْضًا فَإِن الْآيَة تمنع من تَحْرِيم كل مَا عدا الْميتَة من الدَّم وَلحم الْخِنْزِير فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَلَا يمْتَنع أَن يكون مُقَارنًا لِلْآيَةِ فَيكون مُخَصّصا لَا نَاسِخا
وَمِنْهَا أَن قَول الله عز وَجل {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم أَن تَبْتَغُوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} مَنْسُوخ بِمَا رُوِيَ بالآحاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تنْكح امْرَأَة على عَمَّتهَا وَلَا على خَالَتهَا وَالْجَوَاب أَن ذَلِك مِمَّا تلقى بِالْقبُولِ فَهُوَ لذَلِك مَعْلُوم يجْرِي مجْرى التَّوَاتُر فِي جَوَاز وُقُوع النّسخ بِهِ وَلَا يمْتَنع أَن يكون هَذَا وَمثله مُقَارنًا لِلْآيَةِ فَيكون مُخَصّصا
وَمِنْهَا أَن قَول الله عز وَجل {كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} مَنْسُوخ بِمَا رُوِيَ بالآحاد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا وَصِيَّة لوَارث وَالْجَوَاب أَن هَذَا متلقى بِالْقبُولِ فَجرى مجْرى التَّوَاتُر وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا انهما نسخا