وَلَيْسَ وَإِن كَانَ الْحَبْس مَوْقُوفا على غَايَة وَكَانَ قَوْله {الزَّانِيَة وَالزَّانِي} بَيَانا لتِلْك الْغَايَة مَا يمْنَع أَن يكون ذَلِك نسخا لِأَن بَيَان الْغَايَة المجملة يُسمى نسخا وَهَذَا كَلَام فِي الْأَسْمَاء ثمَّ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسخ ذَلِك بِالرَّجمِ فان قيل بل نسخ ذَلِك بِمَا كَانَ قُرْآنًا وَهُوَ قَوْله الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا قيل إِن ذَلِك لم يكن قُرْآنًا يدل على ذَلِك أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي الْمُصحف لأثبت فِي حَاشِيَته الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَلَو كَانَ ذَلِك قُرْآنًا فِي الْحَال أَو كَانَ قد نسخ لم يكن ليقول ذَلِك فَعلمنَا أَن ذَلِك سنة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَرَادَ عمر أَن يخبر بتأكيده
فَأَما نسخ الْقُرْآن وَالْأَخْبَار المتواترة بأخبار الْآحَاد فَجَائِز فِي الْعُقُول وَقَالَ بعض النَّاس بورود التَّعَبُّد بِالْمَنْعِ مِنْهُ وَذكر عَن بعض أهل الظَّاهِر أَن ذَلِك غير مَمْنُوع مِنْهُ وَدَلِيلنَا أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَت تتْرك أَخْبَار الْآحَاد إِذا رفعت حكم الْكتاب قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا بقول امْرَأَة لَا نَدْرِي اصدقت أم كذبت
وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء
مِنْهَا أَن الحكم بأخبار الْآحَاد مَعْلُوم بِدَلِيل قَاطع وَالْحكم بِهِ كَالْحكمِ بِالْآيَةِ فَجَاز نسخ الْآيَة بِهِ كَمَا جَازَ نسخ آيَة بِآيَة وَالْجَوَاب أَن مَا ثَبت من الْإِجْمَاع يمْنَع من كَون الحكم بهَا مَعْلُوما إِذا كَانَت رَافِعَة لحكم الْكتاب على أَن الدَّلِيل الْقَاطِع الدَّال على قبُول الْأَخْبَار لم يتَنَاوَل أَخْبَار الْآحَاد إِذا كَانَت ناسخة لدَلِيل الْكتاب فَلَا يُمكن أَن يُقَال إِن الحكم بهَا وَالْحَال هَذِه مَعْلُوم
وَمِنْهَا أَنه إِذا جَازَ تَخْصِيص الْقُرْآن بأخبار الْآحَاد مَعَ أَن التَّخْصِيص يُفِيد