يفعل، فكان هو العلوم على الظلم الواقع عليه؛ لأنه قد أتي من قبل نفسه وتفريطه، فكونها لا يستجيب لزوج المرأة السيئة الخلق؛ لأنه هو المعذب نفسه بإمساكها، وقد جعل له الشارع سعة في فراقها. وكونه لا يستجيب لصاحب الدين إذا أنكره؛ لأنه هو المفرط فقد أمر بالإشهاد، ولم يشهد، وكونه لا يستجيب لمن عامل السفيه بشيء من ماله؛ لأنه المضيع لماله، حيث نهاه الله - سبحانه وتعالى - بقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5].
وكونه لا يستجاب لهم لا يدل على أنهم آثمون، وإنما يدل على أنهم قد أمروا بالأصلح لهم فلم يمتثلوا، وكان من مصلحتهم أن لا يُحَملوا أنفسهم ما حملوها، والله أعلم.
أن توثيق القرض بالإشهاد مأمور به الإنسان حفظًا للحقوق، وقد يموت الإنسان فلا يستطيع الوارث الوصول إلى حقه، ولكن هذه المصلحة لا تجعل الإشهاد واجبًا، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته يتبايعون بلا إشهاد، إلا أن يكون الإنسان يتصرف لغيره، كالأولياء والوكلاء ونظار الوقف فإنه يجب عليهم أن يشهدوا حفظًا لمال هؤلاء؛ لأن حفظها عليهم واجب، والله أعلم.