ويكون ذلك تنفيذًا منهم لفعل الموصي، ولم يكن ابتداء عطية منهم للموصى له خلافًا للشافعي في قوله: إنها ابتداء عطية. قال القاضي أبو محمَّد: والدليل على ذلك أن المنع إنما هو لحق الورثة، فإذا أجازوا فقد تركوا ما كان لهم من الاعتراض والفسخ لفعل الميت، بمنزلة أن يأذنوا له قبل أن يوصي، وبمنزلة حكم الثلث" (?).

قال النووي: "ينبغي أن لا يوصي بأكثر من ثلث ماله، فلو خالف، وله وارث خاص، فرد بطلت الوصية في الزيادة على الثلث.

وإن أجاز دفع المال بالزيادة إلى الموصى له. وهل إجازته تنفيذ لتصرف الموصي، أم ابتداء عطية من الوارث؟ قولان. أظهرهما: تنفيذ" (?).

وقال ابن قدامة: "ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث ... فإن فعل وقف الزائد على الثلث على إجازة الورثة. فإن أجازوه جاز. وإن ردوه بطل بغير خلاف؛ ولأن الحق لهم، فجاز بإجازتهم، وبطل بردهم. وظاهر المذهب أن الإجازة صحيحة، وإجازة الورثة تنفيذ؛ لأن الإجازة تنفيذ في الحقيقة" (?).

القول الثاني:

لا تصح الوصية بأكثر من الثلث، وإن أجازها الورثةكانت هبة منهم مبتدأة، لا تنفيذًا للوصية، فيشترط فيها ما يشترط في الهبة.

وهذا هو المشهور من مذهب المالكية، وهو مذهب المدونة، واختاره المزني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015