قال الماوردي: "فأما وجوب الحق على المحال عليه فقد اختلف أصحابنا هل هو شرط في صحة الحوالة على وجهين:
أحدهما: أنه شرط في صحة الحوالة، فمتى لم يكن للمحيل على المحال عليه ذلك الحق الذي أحال به عليه فالحوالة باطلة؛ لأن الحوالة من تحول الحق، فلا بد من أن يكون الحق واجبًا على المحال عليه كما كان واجبًا للمحتال.
والوجه الثاني: تصح، وتجرى مجرى الضمان؛ لأنها وثيقة، فعلى هذا لا تم إلا بقبول المحال عليه" (?).
الذي يظهر لي بأن المحال عليه إذا لم يكن مدينًا للمحيل، ورضي بالحوالة فإنها تصح، ولكن لا تكون حوالة مطلقة كما يقول الحنفية، بل يمكن توصيف الحوالة على أنها وكالة في الاقتراض بالنظر إلى علاقة المحيل بالمحال، واقتراض بالنظر إلى علاقة المحيل بالمحال عليه، وضمان بالنظر إلى علاقة المحال بالمحال عليه، فيكون المحيل مضمونًا عنه، والمحال عليه ضامنًا، والمحال مضمونًا له، وذلك أن المحال عليه عندما رضي بالحوالة أصبح ملتزمًا بأداء قيمتها للمحال، وهذا هو حقيقة الضمان، فإن دفعها بأمر المحيل وبنية الرجوع إلى صاحبها أصبح مقرضًا للمحيل، وإن دفعها بدون أمره، أو نوى عدم الرجوع كان متبرعًا، فإن دفعها إكرامًا للمحيل كانت هدية، وإن دفعها طلبًا للأجر والثواب كانت صدقة، والله أعلم.