ذكرنا الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة على أن الرضا شرط في صحة البيع، وبيَّنا حكم ما إذا شاب الرضا شيء من الإكراه أو الغلط، هل يبطل العقد، أو يكون موقوفًا على إجازة المكرَه بعد رفع الإكراه، وعلى إجازة من وقع عليه الغلط، ونبين في هذا المبحث إن شاء الله تعالى حكم الرضا إذا شابه شيء من التدليس، فهل ينعدم الرضا بحيث يكون البيع باطلاً، أو يعيبه فقط فيكون قابلاً للإبطال وقابلا للنفاذ، كما لو اختار من وقع عليه التدليس إبطاله، أو إمضاءه, هذا ما سوف نكشفه في هذا المبحث.
والأصل في التدليس حديث أبي هريرة في التصرية:
(ح -47) فقد روى البخاري من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، قال أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاع تمر (?).
[م - 105] وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في الموقف من هذا الحديث على قولين:
ذهب أبو حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله إلى أنه لا خيار للمشتري