وحق الشفعة متردد بين الحقين: فمنهم من اعتبره حقًا ماليًا يقبل المعاوضة اعتبارًا بأصله؛ لأنه تنازل عن مال، وقياسًا على المعاوضة على الخلع، والمعاوضة على حق رد السلعة المعيبة.
قال ابن رشد: "فإن اتفقا -أي العاقدان- على أن يمسك المشتري سلعته، ويعطيه البائع قيمة العيب، فعامة فقهاء الأمصار يجيزون ذلك" (?).
لأن خيار الرد بالعيب حق للمشتري، وهذا الحق له أن يستوفيه برد السلعة، وله أن يأخذ العوض على هذا المال بشرط أن يكون ذلك بالتراضي بين العاقدين، فإذا تراضيا على دفع عوض مقابل إسقاط هذا الحق جاز.
وإذا جازت المعاوضة على خيار الرد جازت المعاوضة على خيار الترك.
ومنهم من اعتبر حق الشفعة ليس حقًا ماليًا؛ لأن حق الشفعة غاية ما فيه أنه يعطي صاحبه حق التملك، وحق التملك ليس حقًا ماليًا حتى يعاوض عليه الإنسان، وإن كان يتعلق بالمال.
ومثله لو طلب رجل من إنسان ترك الشراء في بيع المزايدة مقابل مقدار معين من المال، هل له أن يأخذ هذا؟ أو يعتبر هذا من أكل مال الناس بالباطل.
إذا علم هذا فقد اختلف الفقهاء في الصلح عن حق الشفعة مقابل عوض مالي على قولين:
لا يصح الصلح، ولا يثبت العوض، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة (?).