فإذا كان المتعاقد الأصلي خاضعاً لإشراف رب العمل وإدارته، ويملك نفعه في الزمن المتفق عليه، وهو ما يسمى بالأجير الخاص، فليس له أن يتعاقد من الباطن؛ لأن العقد قد ورد على عمله بنفسه، فلا يقوم غيره مقامه، فأشبه ما لو اشترى شيئًا معيناً لم يجز أن يدفع إليه غيره، ولا يبدله، ولا يلزم المشتري قبوله فكذلك المستأجر (?).

وأما إذا كان عقد المقاولة مطلقاً، وكان شخص المقاول غير مقصود في المقاولة، وإنما المقصود القيام بالعمل سواء قام به بنفسه أو بغيره، ولم يكن المقاول من الأجير الخاص فهل للمقاول أن يعهد إلى مقاول آخر للقيام بالعمل خاصة أن بعض الأعمال لا يمكن للمقاول أن يقوم بها بنفسه كما لو كانت المقاولة كبيرة متعددة الأعمال، كإنشاء الجسور، وتعبيد الطرق وأعمال البناء حيث تتطلب مجموعة من الحرف المختلفة التي تتطلب أن يقوم بها مجموعة من العمال، فما حكم أن يعهد المقاول إلى مقاول آخر يقوم بكل عمله أو بعضه؟

وللجواب عن ذلك نقول:

يسري على عقد المقاولة من الباطن نفس الحكم الذي قيل في حق المقاول الأصلي.

فإن كان المقاول الثاني يقدم العمل والمواد معاً كان العقد مع المقاول الثاني عقد استصناع، فيأخذ حكم عقد الاستصناع عند العلماء.

وقد ذهب جمهور الحنفية إلى القول بجوازه، ولم يخالف في ذلك إلا زفر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015