واعتبروا صيغة الماضي من اللفظ الصريح:

فقد صرح الحنفية إلى أن صيغة الماضي لا تحتاج إلى نية (?). وهذا شأن الألفاظ الصريحة.

وقال الحطاب المالكي: "في الألفاظ ما هو صريح، مثل بعتك بكذا، فيقول: قبلت" (?).

وسبب الاعتداد بالماضي مطلقاً دلالة صيغته على الحال، فالفعل الماضي يدل على تحقق الوقوع، وذلك أنسب في الدلالة على إنشاء العقد حيث يدل على أن صاحبه قد تخطى مرحلة التفكير والتردد، والمفاوضة والمساومة إلى مرحلة الجزم والقطع والبت والحسم.

فإن قيل: إن الماضي بعت واشتريت صيغ للإخبار عن الماضي، فهو خبر، وليس إنشاء وإحداثا.

قيل: وإن كانت صيغة الماضي صيغة إخبارية إلا أن المراد به الإنشاء قطعاً، لأن الرجل إذا قال: بعتك بكذا لو كان يقصد الأخبار لكان كاذبًا حيث لم يقع بيع ولا شراء، فالإنشاء هو المتبادر إلى الذهن، والنكتة في هذا أن الماضي إذا سيق للإنشاء يكون من باب التوكيد على تحقق الفعل، وكون الفعل في إيجاده وتحقق وقوعه واقع كالماضي، وهو مستعمل في كتاب الله تعالى، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: 99].

وقال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]، فعبر عن النفخ بالصور بصيغة الماضي للتوكيد على أن ذلك واقع لا محالة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015