والثاني: يصح، ويرتفع حكم عقد الوديعة، ويبقى حكم الأمانة كالثوب إذا ألقته الريح في دار إنسان يكون أمانة ولا يكون وديعة، فيلزمه أن يعلم صاحبه بذلك" (?).

وفرق الزركشي بين أمين المالك، والذي هو أمين بحكم العقد، وبين الأمانات التي هي أمانة بحكم الشرع.

فأمين المالك إذا عزل نفسه، فهل ينعزل في مذهب الشافعية وجهان:

إن قلنا: إن الوديعة عقد فله عزل نفسه، وتبقى الوديعة أمانة شرعية في يده كالثوب يلقيه الريح في يده.

وإن قلنا: إن الوديعة إذن مجرد بالحفظ فلا ينعزل؛ لأن ابتداءه يكون بالفعل، فكذا رفعه لا يرتفع إلا بالرد.

أما الأمانات التي هي بحكم الشرع، فلا تنفسخ بالقول بالاتفاق عندهم، وإنما تنفسخ بالرد؛ لأنها ليست عقدًا.

قال الزركشي: "لو عزل المودع نفسه فوجهان، إن قلنا: الوديعة عقد ارتفعت، أو مجرد إذن فالعزل لغو، كما لو أذن في تناول طعامه للضيفان، فقال بعضهم عزلت نفسي فيلغو قوله.

قال الزركشي: وهذا الخلاف في أمين المالك، أما الأمانات الشرعية فلا تقبل الفسخ بالاتفاق، كما يقتضيه كلام الروياني، فلو قال: فسخت الأمانة كان على الأمانة، فمتى لم يرد حتى هلكت قبل القدرة على ردها لا ضمان" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015