فالهبة كانت في حال الصحة إلا أن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فلما مرض خليفة رسول الله قبل القبض أصبحت الهبة في حكم هبة المريض، ولما كانت هبة المريض في حكم الوصية، والوصية للوارث لا تصح، بطلت الهبة، ولو كانت هذه الهبة لغير وارث لنفذت بقدر الثلث، والله أعلم.
ذهب المالكية إلى أن هبة المريض فيه تفصيل:
إن كان ماله مأمونًا، كالأرض، وما اتصل بها من بناء أو شجر، فإن هبته، وعتقه ووقفه، وصدقته تنفذ من الثلث عاجلاً.
وإن كان ماله غير مأمون فإنه يوقف، ولو كان دون الثلث، حتى يقوم في ثلثه بعد موته إن وسعه، أو ما وسع منه، وإن برئ مضى جميع تبرعه (?).
قال الخرشي في شرحه: "المريض مرضًا مخوفًا إذا تبوع في مرضه بشيء من ماله، بأن أعتق، أو تصدق، أو وقف، فإن ذلك يوقف حتى يقوم في ثلثه بعد موته، إن وسعه، أو ما وسع منه، وإن لم يمت بأن صَحّ مضى جميع تبرعه، وهذا إذا كان ماله غير مأمون. وأما لو كان ماله مأمونًا، وهو الأرض وما اتصل بها من بناء، أو شجر، فإن ما بتله من عتق، أو تصدق به، وما أشبهه لا يوقف وينفذ ما حمله ثلثه عاجلًا" (?).