وكان من الخير للناس أن يعيشوا على شيء فيه الحق والباطل من أن يعيشوا على لا شيء.
وإذا جاوزنا هذا القدر الغامض، الّذي كان من الصعب على «ابن قتيبة» أن يسوق فيه غير ما ساق، نجد «ابن قتيبة» قد عرض لأشياء أخرى كانت كل وسائلها بين يديه ولا عذر له فيها إن قصر.
وإنا إن وقفنا مع «ابن قتيبة» في هذا الّذي أورده من ذلك، ومعه مراجعة، لا نأخذ عليه إلا أنه كان مختصرا اختصارا يكاد يكون معيبا:
(1) فنجده حين أورد بابه في الأنساب لم يورد من ذلك إلا ما يعد رءوسا لموضوعات.
(2) ونجده لم يذكر تحت رءوس الموضوعات هذه إلا القليل المشهور.
وكان هذا نهجه بعد ذلك فيما أورد من أبواب أخرى، يلجأ إلى هذا الاختصار الشديد الّذي لا يفيد كثيرا.
ولعل «ابن قتيبة» قصد إلى هذا قصدا، وألزم نفسه بأن يضع معجما- إن صح هذا التعبير- في «المعارف» . فهو يقول في مقدّمته:
«وقلّ مجلس عقد على خبرة، أو أسس لرشد، أو سلك في سبيل المروءة، إلا وقد يجرى فيه سبب من أسباب المعارف..: إما ذكر نبي أو ذكر ملك أو عالم أو نسب أو سلف أو زمان أو يوم من أيام العرب، فيحتاج من حضر إلى أن يعرف عين القصد» .