إذا لم يكن له تأثير صالح وذلك إن من الناس الذين يستغيثون بغائب أو ميت من تتمثل له الشياطين وربما كانت على صورة ذلك الغائب وربما كلمته وربما قضت له أحيانا بعض حوائجه كما تفعل شياطين الأصنام فان أحدا من الأنبياء والصالحين لم يبعد في حياته إذا هو ينهى عن ذلك وأما بعد الموت فهو لا ينهى فيفضي ذلك إلى اتخاذ قبره وثنا بعبد.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيدا" إلى آخره وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد".
وقال غير واحد من السلف في قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} الآية إن هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم ولهذا المعنى لعن النبي صلى الله عليه وسلم الذين اتخذوا قبور الأنبياء والصالحين مساجد. انتهى.
وأخرج ابن أبي شيبه عن الزبير أنه رأى قوما يمسحون المقام فقال: "لم تؤمروا بهذا إنما أمرتم بالصلاة عنده" وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله تعالى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} قال: إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه ولقد تكلفت هذه الأمة أشياء ما تكلفته الأمم قبلها.
فإن كان المعترض يستدل بكلام شيخ الإسلام فهذا صريح كلامه المؤيد بالأدلة والبراهين وكلام العلماء كمثل كلام الشيخ في هذا المعنى كثير جدا ولو ذكرناه لطال الجوب وأما قول المعترض بل مدح الصر صري وثنى عليه بقوله: قال الفقيه الصالح يحي بن يوسف الصرصري في نظمه المشهور.
فالجوب: أن هذا من جملة أكاذيب المعترض على شيخ الإسلام وغيره.