سِرْ حَلَّ حيثَ تحلُّه النُّوّار ... وأراد فيك مُرادَك الأقدارُ
وإذَا ارتحلتَ فشَيّعتْك غَمامةٌ ... أنّي حَلَلتْ ودِيمةٌ مِدْرَار
تَنْفِي الهَجِير بظّلِها وتُنِيمُ بالرَّ ... شِّ القَتامَ وكيف شِئْت تُدار
وقَضَى الإلُه بأنْ تَعود مُظفَّرا ... وقَضَيت بسَيْفك نَحْبَها الكُفّارُ
وقد أبدع في هذه الأبيات غاية الإبداع، وهي من ابلغ ما قيل في الوداع.
وأنشدني رحمه الله قال: أنشدني الوزير الشريف الحسيب النسيب أبو محمد عبد العزيز بن الحسن بن أبي البسام الحسيني، فريد عصره ووحيد دهره.
قال: نزلت بفندق بمدينة دانية ليلاً، فرأتني امرأة كانت تعرفني في أيام السلطان أبي الطاهر تميم، وهي الحرة الفاضلة مريم بنت إبراهيم؛ والدنيا قد سحبت على من جاهها ووزارتها ذيلا، فقلت مرتجلا:
عَاذِلَتي لا تُفنّدِينِي ... أن صِرْتُ في مَنزلٍ هَجينِ
فليسَ قُبْح المَكان ممّا ... يَقْدَحُ في مَنْصِبي ودِيني
الشمسُ عُلْوِيّةٌ ولكنْ ... تَغْرُبُ في حَمْأَةِ وطِين
وكان شيخا هذا رحمه الله يلقب باللص لدياثته وسكونه، وتردده خفية في جميع شؤونه؛ وكان لا ينكر هذا اللقب مع جاهه عند سلطان زمانه،