وكيف يَلذُّ العيش في عَتْب سيِّدٍ ... وما لذَّ لي يوماً على عَتْبِ صاحبِ
وقبلُ جَرَتْ عن بعض كُتْبَي جَفوةٌ ... ألحتَّ على وجهْي بغَمْز الحواجب
وما كنتُ مُرتاداً ولكن لنُفْحة ... تعَّودتُ من رَيحان تلك الضَّرائب
سلكتُ سَبِيلي للزّيارة إثرها ... فقابلتُ دَفْعاً في صُدور الرّكائب
ولو لمعتْ لي من سمائك بضرْقةٌ ... ركبتُ إلى مَغْناكَ هُوجَ السّحائِب
فقبَّلتُ من يُمناك أعذبَ مَشْرَعٍ ... وقضَّيتُ من رُؤياك أوْكد واجب
وأبْتث خفيفَ الظَّهر إلا من النَّدى ... وخلفَّتَ للعَافي ثِقَالَ الحَقائب
سِواكَ يَعِي قولَ الوُشاة من العدَا ... وغيرُك يَقْضي بالظُّنون الكَواذب
واجتاز على أكرم أهل زمانه، واعلم وقته وأوانه؛ الوزير الكاتب السمي المراتب، أبي محمد بن القاسم الفهري؛ فما عرج عليه، فعاتبه الوزير أبو محمد على إساءته في ذلك غليه، فكتب إليه أبياتا أمر بعض خواصه أن ينثرها بين يديه:
لم يَثْنِ عنك عِنَاني سَلوْةٌ خَطَرت ... على فُؤادي ولا سَمْعي ولا بَصْرِي
وقَصْرُك البيتُ لو أنّي قَضيتُ به ... حَجِّي وكفُّك منهُ موضعُ الحجر
لكنْ عدتْنَي عنكُم خَجلةٌ سلَفَت ... كَفانِيَ القولُ فيها قولُ مُعتذِر:
لو اختصرتُم من الإحسانُ زُرْتكُم ... والعذْبُ يُهجر للأفْراط في الخَصَر
وشعره مدون كثير، وقد ذكرنا منه ما اقتضاه التخيير.