الوخد والإرقال؛ وكان له فيه أمداح بهرت بنظامها، وظهرت كالبدور عند تمامها. فكتب إليه:

بَني جَهورٍ انتُمْ سماءُ رياسةٍ ... مَنَاقبكم في أفْقها انجمٌ زُهْرُ

طريقتكُم مُثْلَى وهديُكُم رِضاً ... ومَذهبُكم قَصْدٌ ونالمكم غَمْر

عطاءٌ ولا مَنٌ وحُكْمٌ ولا هَوىً ... وحِلْم ولا عَجز وعزّ ولا كبْرُ

وقال في أبي الحزم بن جهور حين حبسه:

بني جَهورٍ أحرقُتُم بجفائكم ... ضمِيري فما بالُ المَدائح تَعْبَقُ

تعدّونني كالعَنْبِر الوَرْد إنما ... تَطيب لكم أنفاسُه حين يُحْرَق

ثم كتب إليه:

قُل للوزير وقد قَطعتُ بمَدْحه ... عُمري فكان السِّجن منه ثَوابي

لم تَعْدُ في أمري الصّوابَ مُوفَّقاً ... هذا جزاء الشَّاعِر الكذَّابِ

ثم إنه أعمل لنفسه في الخلاص من سجنه حيلا، واتخذ الليل للهرب جملا. فقطع في ليلة واحدة ما بين قرطبة وإشبيلية من المفاوز والمراحل، ومسافتها ثلاثة أيام لو أخذت الرواحل. ولما اتصل خبر وصوله بأبي عمرو عباد، وهو يومئذ سلطان تلك البلاد؛ تلقاه في جماعة من جماهير الكماة، ومشاهير العلماء والقضاة؛ فألقى مقاليد وزارته وجميع أمور دولته إليه، وأفاض الحلع والسوابغ عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015