وقوله: فودية قد نورا، فالفودان: ما يلي الأذنين من الشعر.

وقوله: أن أدعبا فإنه يقال من الدعابة: دَعِب، بكسر العين في الماضي، يدعب، بفتح العين في المضارع، دعباً، بفتح الدال والعين في المصدر.

وهذا الشعر لو روى لعمر بن أبي ربيعة، أو لبشار بن برد، أو لعباس بن الأحنف، ومن سلك هذا المسلك من الشعراء المحسنين لاستغرب له. وإنما أوجب أن يكون ذكره منسياً، أن كان أندلسياً؛ وإلا فما له أخمل، وما حق مثله أن يهمل. وهل رأيت أحسن من قوله: تأبى لشمس الحسن أن تغربا، أو كالبيت الأول من هذه القطعة، أو كصفته لما جرى من الدعابة؟ هل وصفته إلا الدر لمنتظم، وهل إلا نظلم في حقنا ونهتضم! يالله لأهل المشرق! قوله غاص بها شرق. ألا نظروا إلى الإحسان بعين الاستحسان، وأقصروا عن استهجان الكريم الهجان عن استهجان الكريم الهجان؛ ولم يخرجهم الإزراء بالمكان عن حد الإمكان؛ لئن أرهفت بصائرهم البصرة وأرقتها الرقتان؛ فقد درجنا نحن بحيث مرج البحرين يلتقيان، فإن منهما مخرج اللؤلؤ والمرجان. وينشد ما قاله بعض شعرائنا:

نَراحُ لفضل أن يكون لَديكُم ... فما لكُم تأبَون أن كان عندناَ

فلا تَحسدونا أن تَلُوح بأفقكم ... لنا طالعاتٌ مِن هناكَ ومن هنا

وإن كنتُم في العدّ أكثَر مفخراً ... فلا تَظلموناَ في القليل الذي لنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015